وَإِقْرَارُه بأُلوهيَّةِ اللهِ تَعَالَى دونَ مَا
سِواهُ يتَضَمَّن إِقْرَارَه بربُوبيَّتِه، وَهُوَ أَنَّه ربُّ كلِّ شَيْءٍ
ومليكُه وخَالِقُه ومُدَبِّرُه؛ فَحِينَئِذٍ يَكونُ موحِّدًا للهِ.
****
قوله:
«وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ اجْتِمَاعَ
الْقَلْبِ عَلَى الله وَعَلَى مُفَارَقَةِ مَا سِوَاهُ، فَيَكُونُ مُفَرِّقًا: فِي
عِلْمِهِ وَقَصْدِهِ... وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ خَصَائِصَ إلَهِيَّةِ
سبحانه وتعالى »: كلُّ هذا ردٌّ على أهْلِ الضَّلالِ «أهلِ وِحْدةِ الوجودِ»، فما دامَ اللهُ هو الخلاَّقُ، وهو الربُّ
سبحانه وتعالى، ربُّ كلِّ شيءٍ وخالقُ كلِّ شيءٍ؛ فهو المُستحِقُّ للعبادةِ،
وأمَّا ما عَدَاه فهو مخلوقٌ، ولا يستحِقُّ شيئًا من العبادةِ، وهو عَبدٌ لا
يُعبَدُ، وعلى المسلم أن يعرِفَ ذلك؛ فلا ينخَدِعُ بأقوالِ المُبطلينَ، قال تعالى:
﴿أَيُشۡرِكُونَ
مَا لَا يَخۡلُقُ شَيۡٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ﴾
[الأعراف: 191]، فكيف يَعبدُونَ شيئًا وهو مَخلوقٌ مِثْلُهم؟! قال تَعَالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ
فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾
[الأعراف: 194]، وكيفَ تدعو عبْدًا؟! هذا غايَةُ الجَهْلِ والضَّلالِ أن يدعو
عبْدًا مثلَه، فقيرًا مُحتاجًا، والَّذين يدعونَهم إمَّا أنْ يكونوا أمْواتًا غيرَ
أحْياءٍ، قد فَنِيَتْ عِظامُهم وبَليَتْ أجسامُهم تحتَ الأرضِ، وإمَّا جماداتٍ مِن
أشجارٍ وأحجارٍ لا تسمَعُ ولا تُبْصرُ، ولا تخلُقُ ولا تَرزقُ.
قوله: «وَإِقْرَارُهُ بِأُلُوهِيَّةِ اللهِ تَعَالَى دُونَ مَا سِوَاهُ
يَتَضَمَّنُ إقْرَارَهُ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ»:
هناك عَلاقةٌ بين توحيدِ الرُّبوبيةِ وتوحيدِ الأُلوهيِّة، يَجبُ أنْ نَتنَبَّهَ
لها:
-
فتوحيدُ الرُّبوبيَّة مستَلْزِمٌ لتوحيدِ الأُلوهيَّةِ.
-
وتوحيدُ الأُلوهيَّةِ متضمنٌ لتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ.
الصفحة 1 / 397