وَيُبيِّنُ ذَلِك أَنَّ أَفضلَ الذِّكْرِ «لا إِله
إِلاَّ الله»، كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ أَبي الدُّنْيَا وَغَيرُهمَا
مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ:
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ: الْحَمْدُ للهِ» ([1]).
وَفِي الْمُوَطَّأ
وَغَيرِه عَنْ طَلْحَةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ كَثيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّوُنَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَه
إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَه الْحَمْدُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيِرٌ» ([2]).
****
فمن
أقرَّ أن اللهَ هو الخالقُ الرَّازقُ المُحْيي المُميتُ، وأنَّه هو الرَّبُّ؛
لزِمَه أن يَعبدَه وحدَه لا شريكَ له، ومَن عبَدَه تَضمَّنَ أنَّه مُقِرٌّ بأنَّه
هو الرَّب، وأنواعُ الدِّلالةِ ثلاثةٌ: دِلالةُ الالتزِامِ، ودِلالةُ التَّضمُّنِ،
ودِلالةُ المُطابقةِ.
قوله:
«وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ أَفْضَلَ
الذِّكْرِ: لا إِله إِلاَّ الله»: فـ «لا
إِله إِلاَّ الله» هي خيرُ الذِّكرِ وأفضَلُ الذِّكْرِ؛ لأنَّها فاصلةٌ بين
التَّوحيدِ والشِّرك، وهي كلمةُ الإِخلاصِ، والعُروةُ الوثْقى.
فأفضلُ الذِّكْرِ: «لا إِله إِلاَّ الله» تقولُها بلسانِك، وتعتقدُ معناها بقلْبِك، وتعمَلُ بمُقتضَاها بجوارِحِك، وهيَ العُروةُ الوثقى، وهي كلمةُ التَّقوى، وهي كلِمةُ الإخلاص، كلمةٌ عظيمةٌ، ولكن لمَن عَرَفَ معناها، فلا يقولُها بلسانِه فقط، ولا يدري ما معناها؛ أو يعرِفُ معناها
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3383)، وابن ماجه رقم (3800)، وابن حبان رقم (846).
الصفحة 2 / 397