×
شرح كتاب العبودية

وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُ مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ فِي فنونٍ مِنْ الإِْلْحادِ، وَأَنْوَاعٍ مِنَ الاتِّحَادِ. كَمَا قد بُسِطَ فِي غيرِ هَذَا الْمَوْضعِ.

****

قوله: «فَلَيْسَ بِكَلاَمِ تَامٍّ...»: لأنَّه لا يُفيدُ شيئًا، لأنَّه اسمٌ مفردٌ ظاهرٌ، أو ضميرٌ لم يَنضَمَّ إليه ما يترتَّبُ عليه فائدةٌ؛ فهذا يُعتبَرُ هَذَيانًا لا يُفيدُ شيئًا، ولا يُعتبرُ كَلامًا.

قوله: «وَلاَ يُعْطِي الْقَلْبَ بِنَفْسِهِ مَعْرِفَةً مُفِيدَةً وَلاَ حَالاً نَافِعًا»: إذا قلت - مثلاً -: «الله». ابتداءً دونَ أنْ يَسبِقَه شيءٌ أو يأتيَ بعدَه؛ فهو لا يُفيدُ شيئًا، وليس ذِكْرًا لله، ولا يُحرِّكُ القلبَ مثْلَما إذا قلتَ: «اللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهُ خالقُ كلِّ شيءٍ، اللهُ لا إلهَ إلا هوَ». فهذا يُحرِّكُ القلْبَ، ويُفيدُ السَّامعَ.

«وَالشَّرِيعَةُ إِنَّمَا تُشَرِّعُ مِنْ الأَْذْكَارِ مَا يُفِيدُ بِنَفْسِهِ»: بأنْ يكونَ جملةً مفيدةً تامةً، فالشَّريعةُ لم تُشرِّع الذِّكرَ بأسمَاءٍ مجرَّدةٍ ولا حروفٍ فقط.

وعلى هذا، فأذكَارُ الصُّوفيةِ بالأسمَاءِ المفردة ليست أذكارًا شرعيَّةً، وإنَّما هي أذكارٌ بِدْعيَّةٌ؛ ولهذا قال الشيخ: «وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُ مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ فِي فنونٍ مِنْ الإِْلْحادِ، وَأَنْوَاعٍ مِنَ الاتِّحَادِ».

 هذا هو الرَّدُّ عليهم:

قوله: «وَقَدْ وَقَعَ بَعْضُ مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ فِي فنونٍ مِنْ الإِْلْحادِ»: فقد وقعوا بسببِ ذلكَ في القَوْلِ بوحْدةِ الوجُود، حيثُ يقولونَ: إنَّ الكوْنَ كلَّه هو اللهُ، ليسَ هناكَ غيرُه. فوصَلَ بهم هذا القولُ إلى الإلحَاد.

قوله: «كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الموْضِعِ»: في كُتبه رحمه الله في الردِّ على الصُّوفيَّةِ.


الشرح