×
شرح كتاب العبودية

وجِماعُ الدّينِ «أصلانِ» أَلاَّ نعْبُدَ إِلاَّ اللهَ، وَلاَ نعبدُه إِلاَّ بِمَا شَرَعَ، لاَ نعبدُه بالبِدَعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا [الكهف: 110] وَذَلِكَ تَحْقِيقِ «الشَّهَادَتَيْنِ»: شَهَادَةُ أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَشَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله. فَفِي الأولى أَن لا نعْبدَ إِلاَّ إِيَّاه، وَفِي الثَّانِيَة أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ رَسُولُه الْمبلغُ عَنهُ..

****

قوله: «بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلاَلاَتِ وَذَرِيعَةٌ إلَى تَصَوُّرَاتِ أَحْوَالٍ فَاسِدَةٍ مِنْ أَحْوَالِ أَهْلِ الإِْلْحادِ، وَأَهْلِ الاِتِّحَادِ»: وهكذا البدعُ تجرُّ إلى الشرِّ دائمًا وأبدًا وأما السُّننُ فهي تُفيدُ القلوبَ، وتُفيدُ السَّامعينَ، وتُفيدُ المُتكلِّمَ.

قال رحمه الله: «وَجِمَاعُ الدِّينِ «أَصْلاَنِ»»: الذي يجمَعُ الدِّينَ الصَّحيحَ الَّذي جاءتْ بهِ الرُّسلُ منْ أوَّلِهم إلى آخِرِهم، أصْلانِ لا ثَالِثَ لهُما؛ يُبنَى عليهما الأصلينِ:

الأول: «أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ»؛ وهناكَ مَن يَعبُدُ معَ اللهِ غيرَهُ.

فالأصل الأول: ألا نعبُد إلا اللهَ، فلا نُشْرِكَ به شيئًا، بأيِّ شيْءٍ سُمِّيَ هذا الشِّركُ؛ لأنَّه قد لا يُسمَّى شِركًا، بل يُسمّونَه تَوسُّلاً، أو مَحبَّةً للصالحينَ، أو ما أشبَهَ ذلك، فيقولونَ: نحنُ نعلمُ أنَّه لا يَنفَعُ، ولا يَضُرُّ ولا يخْلقُ، ولا يرْزقُ إلا اللهُ، ولكن نتَّخِذُ هذه الوسائطَ بينَنا وبينَ اللهِ لتَشْفَعَ لنا عنده، مُجرَّدَ شفاعةٍ، كما قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، فهم لا يسمونه شركًا، وإنما يُسمّونه طلبًا للشفاعةِ عندَ اللهِ.


الشرح