×
شرح كتاب العبودية

وَنَعَتَ صَفْوَةَ خَلْقِهِ بالْعُبُودِيَّةَ لَهُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا [الإنسان: 6]، وَقَالَ: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا [الفرقان: 63] الآْيَاتِ.

****

 الْعِبَادَةُ» كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ([1])، فهو أعظمُ أنواعِ العِبادة، وكما قالَ صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ([2])، أي: أعظمُ أنواعِ الحَجِّ الوقوفُ بعرفة، فهذا يدُلُّ على عظمةِ الدُّعاء، ومكانتِه، وأنه أعظمُ أنواعِ العبادة، وقوله: ﴿دَاخِرِينَ أي: صَاغِرين أصْغَرَهم اللهُ وأهانَهم لمَّا اسْتَكبروا عن عبادتِه.

وقد وَصَفَ اللهُ سبحانه وتعالى صفوةَ عبادِه بالعبوديةِ وعدمِ الاستكبار، فدَلَّ على أنَّه لا يَخرُجُ أحدٌ عن العبوديةِ، فقال في سورةِ الإنسان: ﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا [الإنسان: 6]، وهؤلاء هم السابقون المقربون، سمَّاهم عبادَ اللهِ مع مكانتِهم عندَ اللهِ فهم السابقون المقربون عندَ اللهِ سبحانه وتعالى، فدَلَّ على أنَّه لا يَخرُجُ أحدٌ عن العبوديةِ مهْما بلَغَ من الفَضْلِ والمَكانة.

* وفي سورةِ «الفرقان» وصَفَ اللهُ سبحانه وتعالى عبادَه بأوصافٍ عظيمة، بدأَها بقولِه: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ فأضافَهم لنفسِه إضافةَ تشريفٍ وتكريمٍ لهم، ﴿ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا، يعني: متواضعين، ليس فيهم كِبر؛ والكِبرُ لا يتناسبُ مع العَبد، وإنَّما الذي يتناسَبُ مع العبدِ التواضعُ


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (1479)، وابن ماجه رقم (3528)، وأحمد رقم (18356).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (889)، والنسائي رقم (3016)، وابن ماجه رقم (3015).