فصل
فِي
كَسْرِ الطَّاغُوتِ الَّذِي نفَوْا بِهِ **** صِفَاتِ ذِي
المَلَكُوتِ والجَبَرُوتِ
****
لمَّا
ذكرَ أنَّ آفتَهم وعِلَّتَهم هي قاعدةُ التَّجسِيم، وأنَّ هذا اللفظَ اتَّخذُوه
سِلاحًا ضدَّ النُّصوصِ وضِدَّ أهلِ الإيمان؛ فسمَّاه طاغوتًا؛ لأنَّ الطاغوتَ
مُشتَقٌّ مِن الطُّغْيان، وهو مجاوزةُ الحَدِّ، وهو يُطْلَقُ على أشياءَ
كثيرةٍ:
1-
يُطلَقُ على ما عُبِدَ مِن دُونِ الله، فكلُّ ما عُبِدَ من دُونِ الله وهو راضٍ
فهو طاغوتٌ، ومَن لَمْ يَرْضَ، كالمَسِيحِ والأولياءِ والصَّالِحينَ المُستقيمينَ
على طاعةِ الله، فهؤلاءِ لا يُقالُ لهم: طواغِيتُ، لكنَّ عبادةَ الناسِ لهم عبادةٌ
للطَّاغُوتِ الذي هو الشيطانُ؛ لأنَّهُ هو الذي أمرَهم بها، أمَا نفسُ الشخصِ مِنَ
الأنبياءِ والصَّالِحين فإنهُ لا يُسَمَّى طاغوتًا؛ لأنه لم يرضَ بعبادة غيرِ الله
عز وجل بَلْ كانَ في حياتِه يُحَذِّرُ مِن هذا فلمَّا ماتَ عبدوهُ؛ فهذا لا
يَضُرُّهُ، أمَّا مَن عُبِدَ مِن دُونِ اللهِ، وهو راضٍ فهو طاغوتٌ، وكذلكَ
الأشجارُ والأحجارُ والجماداتُ فَعِبادَتُها تُسمَّى: عِبادة للطَّاغُوتِ.
2-
وكذلك يُطلقُ الطَّاغوتُ على مَن حَكَمَ بغير ما أنزلَ اللهُ، قال تعالى﴿أَلَمۡ تَرَ
إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ
أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ
أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ
ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا﴾ [النساء:
60] فيكون عِلْمُ الكلامِ وَالتَّجْسِيم طاغوتًا؛ لأنهم يتحاكمونَ إليه، ويُعرِضُون
عن الكتابِ والسُّنَّةِ. هذا هو وجهُ تسميتِه بالطَّاغوت.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد