وَاللهِ لَوْ حَدَّقْتُمُ لَرَأَيْتُمُ **** هَذَا وَأَعْظَمَ مِنْهُ رَأْيَ عِيَانِ
لَكِنْ
عَلَى تِلْكَ العُيُونِ غِشَاوَةٌ **** مَا حِيلَةُ الكَحَّالِ فِي العُمْيَانِ
****
لوْ أنَّكم حَدَّقْتُم بأبصارِكم وبصائِرِكُم،
وتفحَّصتُمْ هذه الأقوالَ التي أتَى بها الجهميَّةُ لتبيَّنَ لكم بُطلانُها، أمّا
إنَّكم تأخُذونها على عِلاَّتِها، وينطَلِي عليكم زُخرفُها فهذا هو الهلاكُ، وهذا
يُوجِبُ على طالبِ العِلم ألاّ يستعْجِلَ، بل يجبُ عليه أن يَنظرَ في الأقوالِ
ويعرِضَها على الكتابِ والسُّنَّةِ؛ حتى يتبيَّنَ الحقُّ مِن الباطلِ.
يعني:
أنَّ الأعمَى لا ينفعُه الكُحْلُ أو ينفعُهُ العلاجُ، فكذلك هؤلاء عُميان لا
تنفعُهم النَّصِيحةُ والبيانُ؛ لأنَّه عمِيَتْ بصائرُهُم بسبب قَبُولِهم الباطلَ: ﴿وَنُقَلِّبُ
أَفِۡٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ
وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ﴾
[الأنعام: 110] وَهذا عُقوبةٌ لَهُم على إعراضِهِم عن الكتابِ والسُّنَّةِ،
فالواجبُ عَلَى طالب العِلْمِ إذا صَحَّ عندهُ الدَّليلُ أنْ يقبَلَهُ ولا
يتوقَّفَ فيه أبدًا، فإن توقَّفَ أو شكَّ فإنَّه حَرِيٌّ أن يُصابَ بالزَّيْغِ في
قلبِهِ وَالعَمَى في بصيرتِهِ.
***
الصفحة 17 / 495
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد