×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَالحَائِزُ الخَمْسِينَ أَجْرًا لَمْ يَحُزْ  ****  هَا فِي جَمِيعِ شَرَائِعِ الإِيمَانِ

هَلْ حَازَهَا فِي بَدْرٍ أوْ أُحُدٍ أَوِ الـ  ****  ـفَتْحِ المُبِينِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ

بَل حَازَهَا إِذْ كَانَ قَدْ فَقَدَ المُعِيـ  ****  ـنَ وَهُمْ فَقَدْ كَانُوا أُولِي أَعْوَانِ

وَالرَّبُّ لَيْسَ يُضِيعُ مَا يَتَحَمَّلُ الـ  ****  ـمُتَحَمِّلُونَ لأَِجْلِهِ مِنْ شَانِ

فَتَحَمُّلِ العَبْدِ الوَحِيدِ رِضَاهُ مَعْ  ****  فَيْضِ العَدُوِّ وَقِلَّةِ الأَعْوَانِ

مِمَّا يَدُلُّ عَلَى يَقِينٍ صَادِقٍ  ****  وَمَحَبَّةٍ وَحَقِيقَةِ العِرْفَانِ

****

 الآن وَصَل إِلى الجَوابِ وَما مَضَى كانَ مقَدِّمَة لَه، فَالحَائزُ للخَمسِينَ أَجرًا إنَّما حَازهَا بالصَّبر والثَّبات علَى الدِّين، فَلمْ يَحُزها بِصحْبَة الرَّسُول ولاَ بالجِهَاد ولا بالهِجْرة، فالغَريبُ فِي آخِر الزَّمانِ حَازها لأنَّه لَم يَجد مُعينًا عَلى الدِّين وَالحقِّ فَصبرَ وثَبت، وأمَّا الصَّحابَة فَكان عِندَهم أعْوَان، وكَان الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مَوجُودًا بَينَهم، فَأصحَاب الغُربَة فِي آخِر الزَّمَان مِن هَذه النَّاحِية صارَ عِندَهم فَضيلَة خَاصَّة، والصَّحابَة عِندَهم فَضائِل عَامَّة.

تَمسكُهُم فِي الدِّين مَع كَثرَة المُخالِفين وصَبْرُهم عَلى ذَلكَ دَليلٌ عَلى صِدق إِيمانِهم، وَدليلٌ عَلى عِلمِهم وَفقْهِهم فِي دِين اللهِ تَعَالى، فَلذَلكَ لاَ يُضيعُ اللهُ تَعَالى ذَلكَ عَليهِم بَل يَحفَظه لَهُم وَيُجازِيهم عَليهِ أعْظَم الجَزاءِ يَوم القِيَامة.


الشرح