×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

وَوَقُودُهَا الشَّهَوَاتُ وَالحَسَرَاتُ وَالـ  ****  آلاَمُ لاَ تَخْبُو مَدَى الأَزمَانِ

أَبَدَانُهُمْ أَجْدَاثُ هَاتِيكَ النُّفُو  ****  سِ اللاءِ قَدْ قُبِرَتْ مَعَ الأَبْدَانِ

أَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ وَجُسُومُهُمْ  ****  فِي كَدْحِهَا لاَ فِي رِضَا الرَّحْمَنِ

هَرَبُوا مِنَ الرِّقِّ الذِي خُلِقُوا لَهُ  ****  فَبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ

لاَ تَرْضَ مَا اخْتَارُوهُ هُمْ لِنُفُوسِهِمْ  ****  فَقَدِ ارْتَضَوا بِالذُّلِّ وَالحِرْمَانِ

لَوْ سَاوَتِ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ  ****  لَمْ يَسْقِ مِنْهَا الرَّبُّ ذَا الكُفْرَانِ

لَكِنَّهَا وَاللهِ أَحْقَرُ عِنْدَهُ  ****  مِنْ ذَا الجَنَاحِ القَاصِرِ الطيرانِ

****

 هَذا البَيتُ فِيه حِكمَةٌ عَظيمَةٌ يُبيِّن حَالَ الكُفَّار؛ حَيثُ هَربُوا مِن الرِّق الذِي خُلقُوا مِن أجْلِه، وَهُو عِبادَة اللهِ تَعَالى، فَبُلوا بِرِقِّ النَّفسِ والشَّيطانِ، يَتَّبِعون أوَامِر النَّفسِ والشَّيطانِ، وَيتجَنَّبُون مَا أمَرهُم بهِ اللهُ ورَسُوله؛ فَصَاروا عَبيدًا للشَّيطَان.

هَذا مَعنَى حَديث الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا شَرْبَةَ مَاءٍ» ([1])؛ فَإعطَاء اللهِ الدُّنيَا لِلكافِر دَليلٌ عَلى هَوانِها عَليهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2790).