×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَإِذَا انْتَهَى لِلجِسْرِ يَوْمَ الحَشْرِ يُعْـ  ****  ـطَى لِلدُّخُولِ إِذًا كِتَابًا ثَانِ

عُنْوَانُهُ هَذَا الكِتَابُ مِنْ عَزِيـ  ****  ـزٍ رَاحِمٍ لِفُلاَنٍ بْنِ فُلاَنِ

فَدَعُوهُ يَدْخُلُ جَنَّةَ المَأوَى التِي ارْ  ****  تَفَعَتْ وَلَكِنَّ القُطُوفَ دَوَانِ

هَذَا وَقَدْ كُتِبَ اسمُهُ مُذ كَانَ فِي الـ  ****  أَرْحَامِ قَبْلَ وِلاَدَةِ الإِنْسَانِ

****

وأمَّا رُوحُ الكَافرِ فَلا يُفتَح لَها بَابُ السَّماءِ، وَيَقول اللهُ: «اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي سِجِّين فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا» ([1]) - والعِيَاذ بِالله - كَمَا قَال تَعَالى ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلۡخِيَاطِۚ [الأعراف: 40]، وَسَمُّ هُو ثُقبُ الإِبْرة؛ أي: لا يَدخُلونَ الجَنَّة حتَّى يَدخُل البَعيرُ فِي ثُقبِ الإِبْرة، وَقُرِئ «حَتَّى يَلِجَ الجمَّل فِي سَمِّ الخِياطِ» وَهِي قِراءَةٌ شَاذة، والجمَّل هو حَبلُ السَّفِينة الغَليظِ، فَإنَّه لا يَدخُل في مَنفَذ الإبْرَة، فَكذلِكَ الكَافرُ لا يَدخُل الجَنَّة وَهذا مِن بَاب المُستَحِيل.

فَالكِتابُ الأَوَّل عِند الوَفَاة، والكِتَاب الثَّاني عِندَ عُبور الجِسرِ المَنصُوب علَى مَتنِ جَهنَّم وَهُو الصِّراطُ، فَالمُؤمِنون يُعطَون كُل وَاحِدٍ مِنهُم كِتابًا لِدخُول الجَنَّة.

هَذا التَّقدِير العَامُّ الذِي كَتَبه اللهُ فِي اللَّوحِ المَحفُوظ قَبلَ خَلقِ السَّمواتِ والأَرضِ بِخمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، وَأمَّا الكِتَابان المَذكُورَان فَهُما


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (18534)، والحاكم رقم (107)، والبيهقي في «الشعب» رقم (390).