فهذا أمر لا يجوز، بل عليه
أن يتبع أمر الله؛ لأن الله أمرنا باتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب على
الناس كافة طاعته واتباعه ممن يريد النجاة.
وأما من عاند وكابر، فإنه قد بلغته الرسالة، وقامت عليه الحجة، وحسابه على
الله عز وجل، وإذا أضاف إلى كفره بالرسول صلى الله عليه وسلم نشر الكفر، ومقاومة
الإسلام، وصد الناس عن دين الله، فإنه يقاتل بالسيف؛ لذلك شرع الله الجهاد في
سبيله؛ لأجل قمع المشركين والكفار، وكف كفرهم أن ينتشر؛ ولأجل منعهم عن صد الناس
عن دين الله عز وجل.
وكذلك الجن يجب عليهم اتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الله
ذلك في القرآن في قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ
صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ﴾ [الأحقاف: 29]؛ لأن
القرآن يعنيهم، وهم مطالبون به، فاستمعوا، ﴿يَسْتَمِعُونَ
الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا﴾؛ كما قال جل وعلا: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ
فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]،
فالجن استمعوا للقرآن وأنصتوا، ﴿فَلَمَّا قُضِيَ﴾ [الأحقاف: 29]،
وانتهى الرسول صلى الله عليه وسلم من التلاوة ﴿وَلَّوۡاْ
إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ﴾، وهكذا يجب على من علم الحق أن يبلغ به قومه وأهل بلده،
ولا يكتفي بنفسه، بل يبلغه، فالجن لما سمعوه وتحملوه ذهبوا إلى قومهم منذرين.
كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا
كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ
فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ
قَوۡمَهُمۡ﴾ [التوبة: 122]، لأمرين: أولاً: يتفقهون. ثانيًا: ينذرون
بعدما يتفقهون.
فلا يكفي التفقه دون إنذار، ولا يكفي الإنذار دون تفقه، بل لا بد من
الأمرين: أن يتفقه أولاً، ثم ينذر، ويدعو إلى الله عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد