×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 دينه، ففتح الله به آذانًا صُمًّا لا تسمع الحق في الأول، وقُلُوبًا غُلْفًا مغلفة لا يصل إليها الحق، وهذا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعينًا عميًا ليس معنى عميًا أنها لا تبصر، لكنه عمى عن الحق، فلا تبصر الحق؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا [الأعراف: 179]، فليسوا بعميان لا يرون الطريق، لكن لا يبصرون بأعينهم الحق، ولا ينتفعون بها، فهدى الله به من الضلالة التي كان عليها أهل الجاهلية، قال تعالى: ﴿وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ [آل عمران: 164]، وبصر به من العمى.

فالرسول صلى الله عليه وسلم واجه أهل الأرض كلهم من كتابيين، وأميين، وجن، وإنس، وقام بأعباء الرسالة حتى أظهر الله هذا الدين؛ كما قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦۚ [الفتح: 28]، و ﴿بِٱلۡهُدَىٰ هو: العلم النافع، ﴿وَدِينِ ٱلۡحَقِّ هو: العمل الصالح، فالرسول صلى الله عليه وسلم بُعث بالاثنين: بالعلم النافع، وبالعمل الصالح، فلا ينفع علم دون عمل، ولا ينفع عمل دون علم، بل لا بد من الاثنين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بُعث بهما: بالهدى، ودين الحق.

ثم إن الشيخ رحمه الله قبل أن يدخل في الموضوع ذكر أنه لا طريق إلى الله ولا إلى مرضاته ونيل جنته إلا باتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كما قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢ [آل عمران: 31، 32]، والذي يحب الله يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا رد على الصوفية الذين يزعمون أنهم يحبون الله، ويعبدونه بالمحبة - كما يقولون - لكنهم لا يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يتبعون أذواقهم، ومواجدهم، ومشائخهم، ويدَّعون إنهم يأخذون عن الله


الشرح