×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

وهذا الدعاء هو نوع من الشفاعة، فدعاء المسلمين لإخوانهم، ودعاؤهم في صلاة الجنازة للأموات هذه شفاعة من الأحياء للأموات، وهي أن المسلم يدعو للأموات، ويستغفر لهم، ويترحم عليهم، ويصلي على جنائزهم، هذا من الشفاعة في الدنيا، وحتى للأحياء إذا دعا المسلم لأخيه الحي هذا نوع من الشفاعة عند الله سبحانه وتعالى، والله أذن بها، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ [الحشر: 10]، فالله أذن أن تدعو لإخوانك الأحياء والأموات، وهذا نوع من الشفاعة الجائزة.

قوله: «فَالْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ لاَ تُغْنِي عَنْهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فِي الآْخِرَةِ».

طلب الدعاء من الحي، أو الشفاعة في حال الحياة، وفي يوم القيامة إنما تجوز للمؤمنين الذين عندهم أصل الإيمان، أما الكافر فلا تنفعه شفاعة الشافعين، ولا الاستغفار كما سيأتي، والله جل وعلا قال لنبيه في المنافقين: ﴿ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [التوبة: 80]، وقال سبحانه: ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [المنافقون: 6]، فالكافر لا يُدعى له بالمغفرة لا حيًا ولا ميتًا، ولكن يُدعى للكافر الحي بالهداية للإسلام، أما أن يُستغفر له فلا يجوز.

هذه قاعدة عظيمة، «فَالْكُفَّارُ» الأصليون، «وَالمُنَافِقُونَ» الذين أظهروا الإسلام، وبقوا على الكفر في الباطن لا تنفعهم الشفاعة، «لاَ تُغْنِي عَنْهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فِي الآْخِرَةِ»، قال تعالى: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ [المدثر: 48]، ﴿مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ [غافر: 18].


الشرح