وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ
عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ الْخَلْقِ جَاهًا عِنْدَ اللَّهِ، لاَ
جَاهَ لِمَخْلُوقِ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ جَاهِهِ، وَلاَ شَفَاعَةَ
أَعْظَمُ مِنْ شَفَاعَتِهِ، لَكِنَّ دُعَاءَ الأَْنْبِيَاءِ وَشَفَاعَتَهُمْ
لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الإِْيمَانِ بِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ الإِْيمَانَ
بِهِمْ وَطَاعَتَهُمْ يُوجِبُ سَعَادَةَ الآْخِرَةِ، وَالنَّجَاةَ مِنْ الْعَذَابِ
مُطْلَقًا وَعَامًّا، فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ،
مُطِيعًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ قَطْعًا، وَمَنْ
مَاتَ كَافِرًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَطْعًا.
**********
الشرح
قوله: «وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ
عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ الْخَلْقِ جَاهًا عِنْدَ اللَّهِ».
الله جل وعلا ذكر أن موسى عليه السلام كان وجيهًا، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ
مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا﴾ [الأحزاب: 69]، أي:
له وجاهة وقرب من الله جل وعلا، وقال في عيسى عليه السلام أيضًا: ﴿وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ
وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: 45]، فإذا كان هذا في موسى وعيسى، وكذلك
غيرهم من الأنبياء لهم جاه عند الله، فالرسول أعظم جاهًا عند الله جل وعلا؛ لأنه
إمام المرسلين، وخاتم النبيين، وأفضل الخلائق أجمعين صلى الله عليه وسلم، فهو أعظم
جاهًا عند الله جل وعلا، ولكن لا يجوز السؤال بجاه أحد - لا نبي ولا غيره - لأنه
أمر مبتدع، فلا تقل: اللهم اغفر لي بجاه نبيك، أو بجاه موسى عندك، أو بجاه عيسى،
أو بجاه عبادك الصالحين، لا يجوز ذلك؛ لأنه وسيلة من وسائل الشرك، فيسأل أولاً
بجاهه، ثم يترقى إلى أن يسأل بالشخص، ثم يترقى الأمر إلى أن يعبد الشخص ويتقرب
إليه من دون الله عز وجل،
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد