فيه أن إبراهيم استغفر
لأبيه، وهو مشرك، نقول: نعم، استغفر له، لكن الله لم يقره على ذلك.
قوله: «وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم
أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لأَِبِي طَالِبٍ اقْتِدَاءً بِإِبْرَاهِيمَ» الرسول
صلى الله عليه وسلم همَّ أن يدعو لعمه بعد موته، فمنعه الله من ذلك، فقال: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [التوبة: 113].
قوله: «ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ عُذْرَ
إبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا
عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ
تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ ١١٤وَمَا كَانَ ٱللَّهُ
لِيُضِلَّ قَوۡمَۢا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰهُمۡ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ ١١٥﴾ [التوبة: 114- 115] ». وفي هذه الآية قطع
للشبهة أن يحتج أحد باستغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه، أو يحتج أحد بأن النبي
صلى الله عليه وسلم همَّ أن يدعو لعمه أبي طالب وهو مشرك، فنقول: الله لم يقر
محمدًا ولا إبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - على هذا الشيء، بل نهاهما عن ذلك،
فانتهيا عنه، فلا حجة في ذلك لمغالط أو مكابر، والله ساقه مساق الإنكار، ولم يسقه
مساق الإقرار؛ حتى يكون فيه حجة، فالقرآن ما ترك شيئًا إلا وبينه للناس، فرد على
الشبهات والحجج الداحضة، ما ترك شيئًا يتعذر الناس به إلا وبينه، ولكن أين الذي
يرجع إلى القرآن بحرص وعقيدة طيبة، ويريد أن يستفيد من القرآن؟!
قلَّ من يفعل ذلك، وإنما كثير من الناس من يقرأ القرآن قراءة عابرة، يتغنى به ويجوده، ويحسن الصوت به، وأما أن يتأمله، ويعمل بما فيه، ويُتفقه فيه، فقليل من الناس من يفعل ذلك.
الصفحة 5 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد