بالدعوة في السنة الرابعة
من الهجرة، وأنزل إليه هذه الآية: ﴿فَٱصۡدَعۡ
بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٩٤إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ
٩٥﴾ [الحجر: 94، 95]، فعند ذلك جهر بالدعوة صلى الله عليه
وسلم بعد أن كانت سرية، وأسلم عمه حمزة وكان من أقوى الرجال، وأسلم رجل قوي آخر
وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصار الرجلان ردءًا للمسلمين مصداقًا لقوله
تعالى: ﴿إِنَّا
كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ﴾، والله جعل له من عمه وعمر بن الخطاب قوة حماه به من
أذى المشركين، فصدع بالدعوة.
ولما أمره بأن يصدع بالدعوة على العموم خص أقاربه وعشيرته، فقال: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]،
فأولاً أنذر الناس كلهم، ثم أنذر أقاربه، وهذا دليل على أن الذي يدعو إلى الله
يبدأ بأقاربه أولاً وأهل بيته، ما يذهب للناس وأهل بيته على خطئهم، والجيران على
خطئهم، وحتى بلده أيضًا، فيبدأ ببلده، ويدعو إلى الله في بلده، فإذا أصلح بلده
يذهب إلى البلاد الأخرى، هذا هو منهج الدعوة إلى الله عز وجل.
فلما أنزل الله عليه هذه الآية صعد على الصفا صلى الله عليه وسلم، ونادى بأعلى صوته، فاجتمع إليه أهل مكة، وأعمامه، ومن حوله، فقال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» ثم أخذ يخصص إلى أن وصل إلى بنته، وإلى عمته وعمه، «يَا عَبَّاسَ عَمَّ رَسُولِ اللهِ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ» فهذا مع ما سبق من قصة إبراهيم دليل على أن مجرد القرابة لا تنفع صاحبها حتى يؤمن بالله عز وجل فهذا الرسول لا يملك شيئًا، وهذا فيه رد على الذين يتعلقون على الرسول،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد