×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلاَءِ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ». في الحقيقة هؤلاء المشركون إنما يعبدون الشيطان الذي أمرهم بذلك، فعبادتهم لا تصل إلى الصالحين، ولا إلى الكواكب، ولا إلى المخلوقات، بل لا يسمعونها ولا يقدرون على الإجابة، قال تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣ [سبأ: 22، 23]، وفي الآية الأخرى: ﴿إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ [فاطر: 14]، فهم لم يعبدوا هذه المخلوقات على الحقيقة، وإن كانوا عبدوها في الصورة والظاهر، وإنما الحقيقة أنهم كانوا يعبدون الشياطين، فالذين يعبدون الرسل، أو الملائكة، أو الصالحين، لا يعبدونهم في الحقيقة، ولا تصل عبادتهم إليهم، وإنما هذه عبادة للشيطان؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١ أي: الشياطين ﴿أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ [سبأ: 40، 41]، فعبادة المشركين في الحقيقة عبادة للشيطان الذي يأمرهم بذلك.

وأما المخلوقات التي تُعبد فهي تنكر هذا، كالملائكة، والرسل، والأنبياء، والصالحين، ولا يقرونه، والحقيقة أن هذا أمر باطل، ولا تصل عبادتهم إلى ما ظنوا أنه ينفعهم ويضرهم، وإنما هذا تعلق بالشيطان الذي أمرهم بذلك ما ظنوا أنه ينفعهم ويضرهم، وإنما هذا تعلق بالشيطان الذي أمرهم بذلك، ولهذا يقول جل وعلا: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٦٠وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ ٦١ [يس: 60، 61].


الشرح