فالتقليد على ضلال وخطأ لا
يجوز، أما الاتباع على الهدى فهذا طيب، قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]، هذا يُسمى اتباعًا ما يسمى تقليدًا،
ويقول يوسف عليه السلام: ﴿وَٱتَّبَعۡتُ
مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ﴾ [يوسف: 38]، فاتباع
الأنبياء هدى وليس تقليدًا، أما اتباع الناس على الخطأ، فيُسمى بالتقليد الأعمى،
وليس حجة ولا برهانًا، وإنما يلجأ إليه من لا يملك الحجة، فإذا كان فعل فلان، أو
الجماعة الفلانية، أو الطائفة الفلانية، مخالفًا لما جاء في الكتاب والسنة، فليس
بحجة.
فهذا أصل شرك هاتين الطائفتين من الأمم السابقة، كله يرجع إلى التعلق بغير
الله عز وجل؛ من كواكب، أو أموات، أو حيوانات، أو أشجار، أو غير ذلك، فالغلو في
المخلوقات يؤدي إلى عبادتها من دون الله عز وجل.
قوله: «ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ
ثُمَّ عَبَدُوهُمْ». ولما نهاهم نوح عليه السلام قالوا ﴿لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ
وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23]، هذه
أسماء الصالحين الذين غلوا فيهم وعبدوهم من دون الله، فهم يتواصون بألا يتركوهم،
وألا يطيعوا رسول الله نوحًا عليه السلام، بل يبقون على ما هم عليه، وهذه مصيبة.
ولما أنكر إبراهيم عليه السلام على قومه ما وجدوا حجة إلا أنهم قالوا: ﴿قَالُواْ بَلۡ وَجَدۡنَآ
ءَابَآءَنَا كَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ﴾ [الشعراء: 74]، فلما أغرقهم
بالحجة وأفحمهم قالوا: ﴿حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ
ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 68]، لجؤوا إلى
القوة والتهديد، وهذا لا ينفع أبدًا، الحق لا يقاوم أبدًا، الحق يغلب ولا يُغلب
أبدًا، فلذلك اندحر هؤلاء، ونصر الله رسله، وصارت العاقبة للمتقين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد