وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ
هَؤُلاَءِ قَدْ يَقُولُونَ: إنَّا نَسْتَشْفِعُ بِهِمْ أَيْ نَطْلُبُ مِنْ
الْمَلاَئِكَةِ وَالأَْنْبِيَاءِ أَنْ يَشْفَعُوا فَإِذَا أَتَيْنَا قَبْرَ
أَحَدِهِمْ طَلَبْنَا مِنْهُ أَنْ يَشْفَعَ لَنَا فَإِذَا صَوَّرْنَا تِمْثَالَهُ
- وَالتَّمَاثِيلُ إمَّا مُجَسَّدَةٌ وَإِمَّا تَمَاثِيلُ مُصَوَّرَةٌ كَمَا
يُصَوِّرُهَا النَّصَارَى فِي كَنَائِسِهِمْ - قَالُوا: فَمَقْصُودُنَا بِهَذِهِ
التَّمَاثِيلِ تَذَكُّرُ أَصْحَابِهَا وَسِيَرِهِمْ وَنَحْنُ نُخَاطِبُ هَذِهِ
التَّمَاثِيلَ وَمَقْصُودُنَا خِطَابُ أَصْحَابِهَا لِيَشْفَعُوا لَنَا إلَى
اللَّهِ. فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: يَا سَيِّدِي فُلاَنٌ أَوْ يَا سَيِّدِي جرجس أَوْ
بِطَرْسِ أَوْ يَا سِتِّي الْحَنُونَةُ مَرْيَمُ أَوْ يَا سَيِّدِي الْخَلِيلُ
أَوْ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ اشْفَعْ لِي إلَى رَبِّك.
وَقَدْ
يُخَاطِبُونَ الْمَيِّتَ عِنْدَ قَبْرِهِ: سَلْ لِي رَبَّك. أَوْ يُخَاطِبُونَ
الْحَيَّ وَهُوَ غَائِبٌ كَمَا يُخَاطِبُونَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا حَيًّا
وَيُنْشِدُونَ قَصَائِدَ يَقُولُ أَحَدُهُمْ فِيهَا: يَا سَيِّدِي فُلاَنٌ أَنَا
فِي حَسَبِك أَنَا فِي جِوَارِك اشْفَعْ لِي إلَى اللَّهِ سَلْ اللَّهَ لَنَا أَنْ
يَنْصُرَنَا عَلَى عَدُوِّنَا سَلْ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنَّا هَذِهِ
الشِّدَّةَ أَشْكُو إلَيْك كَذَا وَكَذَا فَسَلْ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ هَذِهِ
الْكُرْبَةَ. أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: سَلْ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي.
**********
الشرح
قوله: «قَدْ يَقُولُونَ: إنَّا نَسْتَشْفِعُ بِهِمْ». يقولون: نحن نعلم أنهم لا يملكون الضر والنفع، ولا يكشفون الضر، ولا يحولونه، لكنهم صالحون، ونحن مذنبون، ونريد من هؤلاء الصالحين أن يتوسطوا لنا عند الله ويشفعون لنا. وهل الله أمر بهذا؟ أين في القرآن أو السنة أن الله أمر بأن يُتخذ الوسائط من الخلق بينهم وبين الله؟ الله فتح بابه للسائلين، وقال: «مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» ([1]). ولم يقل: بواسطة فلان، أو بشفاعة فلان،
الصفحة 1 / 690