×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 الله جل وعلا قريب مجيب غني كريم علام الغيوب، لا يخفى عليه شيء، فليس بحاجة إلى وسائط، ولا دليل على ذلك من الكتاب، ولا من السنة، ولا من عمل السلف الصالح أن تتخذ وسائل من الخلق بين العباد، وبين الله عز وجل، لا بالجاه، ولا بالذات، ولا بعمل فلان، فعلم فلان له ليس لك، كيف تتوسل إلى الله بعمل غيرك؟ وصلاح غيرك لا يغنيك شيئًا، كلٌّ له عمله، قال تعالى: ﴿تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [البقرة: 134]، فلا ينفع الإنسان إلا عمله، لا ينفعه عمل غيره، ولا صلاح غيره أبدًا.

ثم من أين لكم الدليل على أن الله أمركم أن تتخذوا وسائط بينكم وبينه؟ بل لم يقتصر الأمر على هذا، وهو أن يسأل الله بجاه فلان، أو بحق فلان، أو بذات فلان، مع أن هذا منكر وبدعة، بل صرفوا لهم العبادة، فاتخذوا هؤلاء الوسائط معبودين من دون الله يتقربون إليهم، ويقولون: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3]، ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، وهذا شرك أكبر، فالتوسل بالشخص إن كان مجرد توسط به في قبول الدعاء دون أن تتقرب إليه بشيء من العبادة، فهو بدعة ووسيلة إلى الشرك، وإن كان مع هذا التوسط صرف عبادة لغير الله، فشرك أكبر يُخرج من الملة.

قوله: «فَإِذَا أَتَيْنَا قَبْرَ أَحَدِهِمْ طَلَبْنَا مِنْهُ أَنْ يَشْفَعَ لَنَا». يقولون: نحن نعلم أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يملك الأمور ويدبر الكون إلا الله، لكن نتخذ هؤلاء وسائط بيننا وبين الله. هل الله أمركم بهذا، أين الدليل؟


الشرح