×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «فَإِذَا صَوَّرْنَا تِمْثَالَهُ». أيضًا: قد يؤول بهم الأمر إلى أشد من ذلك، إلى أنهم يصورون صورهم؛ ليتذكروا بها أحوالهم، وينصبونها على قبورهم، كما فعل النصارى، فإن إحدى أمهات المؤمنين ممن هاجرن إلى الحبشة رأت كنائس النصارى، وما فيها من الصور، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ» ([1]).

ولا يزال هذا في النصارى حتى اليوم، فإذا دخلت كنيسة لهم تشاهد الصليب ممدودًا على الجدران، ويزعمون أن هذه صورة المسيح عليه السلام وهو مصلوب على الخشبة بعدما قُتل، ويرفعونه في كنائسهم، أو يصورون صورة المسيح أو صورة العذراء في كنائسهم، لا يزال هذا عندهم، ويقولون: نتذكر بذلك أحوالهم. وهذا هو الذي وقع لقوم نوح عليه السلام، فالشيطان خطه واحد مع الأولين والآخرين والعياذ بالله.

وقد لا تكون الصورة تمثالاً، قد تكون رسمًا باليد، أو بالآلة الفوتوغرافية، وتُعلق من أجل التعظيم، والصورة المرسومة أو الملتقطة تُسمى تمثالاً، فليس التمثال خاصًّا بالمبنى أو المنحوت، وهي ما تسمى بالصور المجسمة، بل هو يعم الصورة ولو كانت على ورق أو لوحة؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى نمرقة على الجدار فيها تماثيل - أي: صور مرسومة، وليس فيها تماثيل منحوتة مجسمة - تغير لونه صلى الله عليه وسلم، وأبى أن يدخل حتى هُتك ذلك الستر ([2]). فدل على أن التمثال يُطلق


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (427)، ومسلم رقم (528).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2107).