الثاني: التي يكون القصد
منها الاعتبار والاتعاظ، ولكن لا يُدعى للميت، ومنها: زيارة قبور المشركين، فتُشرع
زيارة قبور المشركين لأجل الاعتبار والاتعاظ، لا لأجل الدعاء للميت أو الاستغفار
له؛ لأن المسلم لا يستغفر للمشرك، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ
أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ
١١٣وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ
إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ
إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ ١١٤﴾ [التوبة: 113، 114]، والله
جل وعلا يقول: ﴿قَدۡ كَانَتۡ
لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ﴾، أي: هذا ليس فيه
أسوة ولا قدوة ﴿لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ
لَكَ﴾ [الممتحنة: 4]؛ لأن إبراهيم تبرأ من هذا، فعله في
الأول، ثم لما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، فلا يُقتدى بإبراهيم في ذلك، ولا
يُتخذ هذا حجة ويُقال: إن إبراهيم استغفر لأبيه، فقال: ﴿وَٱغۡفِرۡ
لِأَبِيٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ﴾ [الشعراء: 86]؛
لأنه وعد أباه بذلك بقوله: ﴿سَلَٰمٌ
عَلَيۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّيٓۖ﴾ [مريم: 47]، ثم نُهي عن ذلك
فامتنع عليه الصلاة والسلام.
فهذا هو القصد من زيارة قبور الكفار: الاعتبار والاتعاظ بأمور الآخرة، فإذا
رأيت القبور، وفيها من فيها من الناس، ومنهم العظماء، ومنهم الملوك، ومنهم
الأغنياء، فإنك تعتبر وتتعظ، وتعلم أن مصيرك كمصيرهم في يوم قريب أو بعيد، فلا بد
أن تستعد لهذا الأمر قبل أن يحل بك.
والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربه في أن يزور
قبر أمه آمنة بنت وهب، وهي قد ماتت على الشرك، والرسول صلى الله عليه وسلم صغير
قريب من الولادة، فأذن له في زيارتها، فدل على مشروعية زيارة المشرك الميت؛ لأجل
الاعتبار والاتعاظ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد