ثم استأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يأذن له، فدل على أن المسلم لا يستغفر
للمشرك حيًّا ولا ميتًا، ولمَّا مُنع أن يستغفر لأمه بكى وأبكى من حوله، ثم لم
يزرها بعد ذلك.
فالذين يترددون الآن على ما يزعمون أنه قبر أم الرسول صلى الله عليه وسلم
بالأبواء، يعينون جبلاً معينًا، ويضعون عليه أحجارًا وعلامات، ويقولون هذا قبر أم
الرسول. أول شيء: لم يثبت أن هذا قبر أم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: لو ثبت، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما كانوا يترددون على
قبرها بعد ما منعه الله عز وجل من الاستغفار لها، وهذا شيء معروف عنهم.
فالذين يترددون الآن، ويحاولون جعل القبر المزعوم أو الحصى المزعوم قبر
آمنة، ويزورونه خفية بالليل، ويضعون عليه الطيب والألوان، هذا كله من إحياء سنة
الجاهلية، وزرع لعبادة القبور في بلاد التوحيد، ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى أن
يتم لهم ما أرادوا في بلاد التوحيد، ومنبع التوحيد، ومبعث الرسالة، أن تؤسس فيها
قبور تُعبد من دون الله.
فهذا هو الدليل على مشروعية زيارة قبور المشركين؛ للاعتبار لا للاستغفار؛
لأن الله منع رسوله أن يستغفر لأمه؛ كما منع إبراهيم عليه السلام أن يستغفر لأبيه،
قال تعالى: ﴿مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ
كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ
ٱلۡجَحِيمِ﴾ [التوبة: 113].
قوله صلى الله عليه وسلم: «زُورُوا
الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الآْخِرَةَ». دليل على أن المراد بزيارة
القبور الشرعية الأمرين جميعًا، فقبر المؤمن يُزار لتذكر الآخرة، والدعاء والاستغفار
له، وأما قبور المشركين فتُزار لأمر واحد فقط، وهو الاعتبار والاتعاظ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد