سَوْدَاءُ عُرْيَانَةٌ
نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، فَجَعَلَ السَّادِنُ يَصِيحُ بِهَا. قَالَ خَالِدٌ:
وَأَخَذَنِي اقْشِعْرَارٌ فِي ظَهْرِي، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِهَا وَيَقُولُ:
أَعُزَّى شُدِّي شَدَّةً لاَ تُكَذِّبِي |
أَعُزَّى أَلْقِي الْقِنَاعَ وَشَمِّرِي |
أَعُزَّى إِنْ لَمْ تَقْتُلِي الْمَرْءَ
خَالِدًا |
فَبُوئِي بِإِثْمٍ عَاجِلٍ أَوْ تَنَصَّرِي |
فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالسَّيْفِ إِلَيْهَا وَهُوَ يَقُولُ:
يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ |
إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ |
قَالَ: فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ، فَجَزَلَهَا بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «نَعَمْ، تِلْكَ الْعُزَّى، قَدْ أَيِسَتْ
أَنْ تُعْبَدَ بِبِلاَدِكُمْ أَبَدًا» ([1]). فهذا دليل على أن
الشيطان يظهر عند الصنم، كما حصل لخالد رضي الله عنه، والقصة مشهورة.
قوله: «وَجَعْلِ الْقُبُورِ أَوْثَانًا
هُوَ أَوَّلُ الشِّرْكِ». قد تظهر الشياطين عند القبور وعند الأصنام، وتقضي
حوائج بني آدم؛ من أجل أن تضل بني آدم، ويظن الجهَّال أن هذا من تصرف القبور
والصالحين وبركتهم، وهو في الحقيقة إنما هو عمل الشياطين، فالقبور لا تتصرف، ولا
تعمل شيئًا، والميت قد انقطع عمله، ولا يخرج من قبره أبدًا إلا للبعث والنشور.
قوله: «وَلِهَذَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْقُبُورِ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ خِطَابٍ يَسْمَعُهُ وَشَخْصٍ يَرَاهُ وَتَصَرُّفٍ عَجِيبٍ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ الْمَيِّتِ». يحصل عند القبر للذين يزرون القبور للدعاء والشرك أشياء تغريهم، منها: أنهم يسمعون أصواتًا من داخل القبور تناديهم وترحب بهم وتعدهم، ويظنون أن هذا صوت الميت، وهو في الحقيقة صوت شيطان يريد أن يغريهم، أو يظهر لهم بصورة الميت، ويستقبلهم، ويقضي حوائجهم التي طلبوها، فيظنوا
([1]) أخرجه: الواقدي في المغازي (3/ 873)، والأزرقي في أخبار مكة (1/ 122).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد