×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْقَى حَائِرًا مُتَرَدِّدًا شَاكًّا مُرْتَابًا يُقَدِّمُ إلَى الْكُفْرِ رِجْلاً وَإِلَى الإِْسْلاَمِ أُخْرَى وَرُبَّمَا كَانَ إلَى الْكُفْرِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الإِْيمَانِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا عَلَى الْوِلاَيَةِ بِمَا لاَ يَدُلُّ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالسَّحَرَةَ وَالْكُهَّانَ مَعَهُمْ مِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَفْعَلُ بِهِمْ أَضْعَافَ أَضْعَافِ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢ [الشعراء: 221، 222]. وَهَؤُلاَءِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ كَذِبٌ وَفِيهِمْ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ فَفِيهِمْ مِنْ الإِْثْمِ وَالإِْفْكِ بِحَسَبِ مَا فَارَقُوا أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم. وَتِلْكَ الأَْحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ نَتِيجَةُ ضَلاَلِهِمْ وَشِرْكِهِمْ وَبِدْعَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَهِيَ دَلاَلَةٌ وَعَلاَمَةٌ عَلَى ذَلِكَ. وَالْجَاهِلُ الضَّالُّ يَظُنُّ أَنَّهَا نَتِيجَةُ إيمَانِهِمْ وَوِلاَيَتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهَا عَلاَمَةٌ وَدَلاَلَةٌ عَلَى إيمَانِهِمْ وَوِلاَيَتِهِمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فُرْقَانٌ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ كَمَا قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ «الْفرْقَان بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ»، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الأَْحْوَالَ الَّتِي جَعَلَهَا دَلِيلاً عَلَى الْوِلاَيَةِ تَكُونُ لِلْكُفَّارِ - مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ - أَعْظَمَ مِمَّا تَكُونُ لِلْمُنْتَسِبِينَ إلَى الإِْسْلاَمِ وَالدَّلِيلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَدْلُولِ مُخْتَصٌّ بِهِ لاَ يُوجَدُ بِدُونِ مَدْلُولِهِ فَإِذَا وُجِدَتْ لِلْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَلْزِمَةً لِلإِْيمَانِ فَضْلاً عَنْ الْوِلاَيَةِ وَلاَ كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ دَلِيلاً عَلَيْهِ.

وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّقُونَ وَكَرَامَاتُهُمْ ثَمَرَةُ إيمَانِهِمْ وَتَقْوَاهُمْ لاَ ثَمَرَةُ الشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ وَالْفِسْقِ. وَأَكَابِرُ الأَْوْلِيَاءِ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْكَرَامَاتِ بِحُجَّةِ لِلدِّينِ أَوْ لِحَاجَةِ لِلْمُسْلِمِينَ. وَالْمُقْتَصِدُونَ قَدْ


الشرح