وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ طَائِفَةً
مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَسَرَّ إلَيْهِمْ كَلِمَةً خَفِيَّةً: أَنْ لاَ تَسْأَلُوا
النَّاسَ شَيْئًا. قَالَ عَوْفٌ: فَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ
يَسْقُطُ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ فَلاَ يَقُولُ لأَِحَدٍ نَاوِلْنِي إيَّاهُ ([1]).
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَدْخُلُ مِنْ
أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَقَالَ: هُمْ الَّذِينَ
لاَ يسترقون وَلاَ يَكْتَوُونَ وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ» ([2]) فَمَدَحَ
هَؤُلاَءِ بِأَنَّهُمْ لاَ يسترقون أَيْ لاَ يَطْلُبُونَ مِنْ أَحَدٍ أَنْ
يَرْقِيَهُمْ. وَالرُّقْيَةُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ فَلاَ يَطْلُبُونَ مِنْ
أَحَدٍ ذَلِكَ.
وَقَدْ
رُوِيَ فِيهِ: «وَلاَ يَرْقُونَ» وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ رقياهم لِغَيْرِهِمْ
وَلأَِنْفُسِهِمْ حَسَنَةٌ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْقِي
نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَرْقِي فَإِنَّ رُقْيَتَهُ نَفْسَهُ
وَغَيْرَهُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَهَذَا مَأْمُورٌ
بِهِ فَإِنَّ الأَْنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ سَأَلُوا اللَّهَ وَدَعَوْهُ كَمَا ذَكَرَ
اللَّهُ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ آدَمَ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَغَيْرِهِمْ.
**********
الشرح
قوله: «وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ...». كما في الحديث الذي قبله في قصة أبي بكر رضي الله
عنه أنهم عملوا بهذه البيعة فلم يسألوا الناس شيئًا، حتى في أيسر الأشياء، وهي
مناولة السوط من الأرض، فمهما أمكن للمسلم أن يستغني عن الناس، فليفعل.
قوله: «وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم...». أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد