وفي هذا رد على من يقول:
إن السؤال ليس مشروعًا، ويكفي علم الله جل وعلا بحال العبد.
ولمَّا وضع إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام إسماعيل وأمه عليهما السلام
في مكة، وتركهما في الوادي، ثم أدبر عنهما ذاهبًا إلى الشام، وقف خلف الجبل ودعا
بهذا الدعاء العظيم: ﴿رَّبَّنَآ
إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ﴾ [إبراهيم: 37] أي:
مكة، ﴿عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ﴾ الذي أمره الله جل
وعلا أن يضعهما فيه، فوضعهما فيه توكلاً على الله سبحانه وتعالى، ودعا لهذا البلد:
﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ
ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ﴾ [إبراهيم: 35]، وفي
«سورة البقرة»: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا
بَلَدًا ءَامِنٗا﴾ [البقرة: 126]، هذا قبل أن تكون بلدًا، فلما صار بلدًا
قال: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا
بَلَدًا ءَامِنٗا﴾، فدعا مرتين: مرة قبل أن يُبنى به وقبل أن يتكون، ومرة
بعد أن صارت بلدًا، فهذا إبراهيم الخليل يدعو ربه عز وجل، فكيف يأتي جاهل، ويقول:
ليس هناك حاجة للدعاء، ويكفي علم الله بأحوال العباد؟!
قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِۧمُ
ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ
ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ١٢٧رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ
أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ
ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ١٢٨﴾ [البقرة: 127- 128] هذا الدعاء الذي في «سورة البقرة»، اشترك معه إسماعيل عليه
السلام، أما الدعاء الذي في «سورة إبراهيم»،
فدعا به إبراهيم عليه السلام وحده كما في الآيات.
الصفحة 4 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد