قوله: «وَكَمَا سَأَلَتْهُ أُمُّ
سُلَيْمٍ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِخَادِمِهِ أَنَسٍ». أم سليم الأنصارية رضي
الله عنها أم أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم، جاءت به إلى الرسول صلى
الله عليه وسلم صغيرًا. وقالت: خَادِمُكَ أنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ أنَسٌ:
فَمَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا
إِلاَّ دَعَا لِي بِهِ دَعَا لِي ثَلاَثَ دَعَوَاتٍ قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا
اثْنَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَالَ: «اللَّهُمَّ
أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ» قَالَ
أنَسٌ: فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَْنْصَارِ مَالاً. فطال عمره رضي الله عنه،
وكثر أولاده ببركة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد خدم النبي صلى الله عليه
وسلم عشر سنين، من حين قدومه المدينة إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم.
الشاهد منه: أن أم سليم طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو
الله لهذا الغلام، فدل على أن طلب الدعاء من الرسول أو من غيره جائز، وإن كان -
كما سبق - مكروهًا في بعض الأحوال. ثم إن أم سليم لم تطلب من النبي صلى الله عليه
وسلم دنيا، وإنما طلبت ما هو أعلى من ذلك، وهو أن يبارك الله في هذا الغلام، وأن
يطيل في عمره على عمل صالح، فهذا من طلب الدعاء فيما هو أفضل من الدنيا، والكراهة
إنما هي في أمور الدنيا.
قوله: «وَكَمَا سَأَلَهُ أَبُو
هُرَيْرَةَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَهُ وَأُمَّهُ إلَى عِبَادِهِ
الْمُؤْمِنِينَ». لمَّا أسلم أبو هريرة رضي الله عنه عام خيبر قدم على النبي
صلى الله عليه وسلم، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لأمه بالهداية،
فدعا لها، فأسلمت، ثم طلب منه أن يدعو الله أن يحببه وأمه إلى المسلمين، فدعا
لهما، فصارا محبوبين عند المسلمين، وهذا ليس طلب دنيا، وإنما هو طلب دين.
الصفحة 5 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد