ببركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا من مواقف عمر رضي الله عنه
العظيمة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزلت بالبركة على هذا المجموع، واندفعت
بذلك حاجتهم، وبقيت لهم مراكبهم وإبلهم.
الشاهد من هذا: أن عمر رضي الله عنه طلب من الرسول أن يدعو أن ينزل الله
البركة للعسكر الذين معه، ولم يطلب ذلك لنفسه.
قوله: «رِجَالاً» أي: ماشين، «جِيَاعًا» ليس معهم شيء، ولا شك أن هذا
ضعف، وربما يتغلب عليهم العدو، وهذا من ثاقب نظره رضي الله عنه، وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يستشير أصحابه في الأمور التي لم ينزل عليه فيها وحي من الله
سبحانه وتعالى؛ يستشيرهم في المنازل، في الرحيل، في لقاء العدو؛ ليستطلع آراءهم،
كما قال الله جل وعلا: ﴿وَشَاوِرۡهُمۡ فِي
ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ [آل عمران: 159].
قوله: «فَإِنَّ اللَّهَ يُبَارِكُ لَنَا
فِي دَعْوَتِك. وَفِي رِوَايَةٍ: فَإِنَّ اللَّهَ سَيُغِيثُنَا بِدُعَائِك».
هذا محل الشاهد: أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم بالبركة، فدل
على أن طلب الدعاء للمسلمين ليس بمكروه، وإنما المكروه طلب الدعاء للسائل فقط.
قوله: «وَإِنَّمَا كَانَ سَأَلَهُ
ذَلِكَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ». أي: سأله بعض المسلمين أن ينحروا بعض الإبل.
قوله: «كَمَا سَأَلَهُ الأَْعْمَى أَنْ
يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ». هذا حديث مشهور: أَنَّ
رَجُلاً ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ادْعُ
اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: «إِنْ
شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قَالَ:
فَادْعُهْ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ
بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ،
إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ،
اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ»، فرد الله عليه بصره. وهذا في حياة النبي صلى
الله عليه وسلم يُطلب منه الدعاء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد