قوله: «وَلِهَذَا لَمْ يُعْرَفْ قَطُّ
أَنَّ الصِّدِّيقَ وَنَحْوَهُ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ سَأَلُوهُ شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ...». الصديق أبو بكر رضي الله عنه لم يذكر عنه أنه طلب من النبي صلى
الله عليه وسلم أن يدعو له؛ لعلمه أن الرسول يكره ذلك، أو لا يستسيغه، فكان لا
يطلب من الرسول الدعاء لنفسه، وإنما يطلب منه الدعاء للمسلمين، مثل ما إذا أجدبوا،
فإنه يطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بالغيث والسقيا، وهذا عام
للمسلمين، كذلك يطلب منه أن يدعو الله للمسلمين بالنصر على العدو، فهذا لا بأس به.
قوله: «كَمَا أَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ...». في بعض المغازي أصابت الصحابة مسغبة ([1])شديدة؛ لنفاذ ما معهم من الزاد، فجاء بعضهم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم في نحر بعض الإبل التي يركبونها؛ لأجل أن يأكلوا من لحمها؛ دفعًا للجوع، وجاءه عمر رضي الله عنه وأبدى له مشورة، وقال: «كَيْفَ بِنَا إذَا لَقِينَا الْعَدُوَّ غَدًا رِجَالاً جِيَاعًا؟» أي: نمشي على أرجلنا وفي هذا ضعف، «وَلَكِنْ إنْ رَأَيْت أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعُهَا ثُمَّ تَدْعُوَ اللَّهَ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِك»، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منه هذه المشورة، وأمر الصحابة رضي الله عنهم فبسطوا نطعًا ([2])، وجاء كلٌّ بما عنده، فيأتي هذه بكسرة تمر، وهذا بكسرة خبز، وغيره بقليل من الدقيق إلى آخره، فاجتمع عند الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاؤوا به، فدعا عليه بالبركة، فبارك الله فيه، وكلٌّ أخذ منه ما يكفيه
([1]) مسغبة: أي مجاعة، يقال: سَغِب الرجلُ يَسْغَب، وسَغَب يَسغُب، سَغَبا وسغْبا وسَغَابة وسُغوبا ومَسْغبة: جَاع.والسَّغْبة: الْجُوع. انظر: تهذيب اللغة (8/ 71)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 371).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد