وَدِينُ الإِْسْلاَمِ
مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ
وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الدِّينِ وَهُوَ مَا أُمِرَتْ بِهِ
الرُّسُلُ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ فَيُعْبَدُ فِي كُلِّ زَمَانٍ
بِمَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. فَلَمَّا كَانَتْ شَرِيعَةُ
التَّوْرَاةِ مُحْكَمَةً كَانَ الْعَامِلُونَ بِهَا مُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ
شَرِيعَةُ الإِْنْجِيلِ.
وَكَذَلِكَ
فِي أَوَّلِ الإِْسْلاَمِ لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي
إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كانت صَلاَتُهُ إلَيْهِ مِنْ الإِْسْلاَمِ وَلَمَّا
أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ كَانَتْ الصَّلاَةُ إلَيْهَا مِنْ
الإِْسْلاَمِ وَالْعُدُولُ عَنْهَا إلَى الصَّخْرَةِ خُرُوجًا عَنْ دِينِ
الإِْسْلاَمِ. فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَعْبُدْ اللَّهَ بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ صلى
الله عليه وسلم بِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ فَلَيْسَ
بِمُسْلِمِ. وَلاَ بُدَّ فِي جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات أَنْ تَكُونَ
خَالِصَةً لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ ٤وَمَآ
أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ
ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ٥﴾ [البينة: 4، 5]،
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ
مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ
فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ٢أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ
وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ
إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ ٣﴾ [الزمر: 1- 3].
فَكُلُّ
مَا يَفْعَلُهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْقُرَبِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ
كَالإِْيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ
وَالْمَالِيَّةِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالإِْحْسَانِ إلَى عِبَادِ
اللَّهِ بِالنَّفْعِ وَالْمَالِ هُوَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَفْعَلَهُ خَالِصًا
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ يَطْلُبُ مِنْ مَخْلُوقٍ عَلَيْهِ جَزَاءً: لاَ
دُعَاءً وَلاَ غَيْرَ دُعَاءٍ فَهَذَا مِمَّا لاَ يَسُوغُ أَنْ يَطْلُبَ عَلَيْهِ
جَزَاءً لاَ دُعَاءً وَلاَ غَيْرَهُ.
**********
الشرح
قوله: «وَدِينُ الإِْسْلاَمِ». أي:
جميع الملل الإلهية،
الصفحة 1 / 690