فالرسول صلى الله عليه
وسلم إنما يبلغ من أوحي إليه، وهذا فيه دليل على أن السنة والأحاديث الواردة عنه
صلى الله عليه وسلم وحي من الله عز وجل، فهي الوحي الثاني بعد القرآن.
قوله: «وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ
سُبْحَانَهُ أَنْ نَقُولَ فِي صَلاَتِنَا: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ
ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ
عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧﴾ [الفاتحة: 6، 7] ». أمرنا الله جل
وعلا أن نقرأ «الفاتحة» في كل ركعة من
صلاتنا، وجعلها ركنًا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بقراءتها، وفي آخرها
الدعاء: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ
ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ أي: دلنا وثبتنا عليه، وهو الإسلام، أو اتباع الرسول
صلى الله عليه وسلم، أو القرآن، الكل حق، فُسر بالإسلام، وفُسر بالرسول، وبالقرآن.
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في «ثلاثة أصول»: «والكل حق».
فالقرآن صراط، والرسول صراط، والإسلام صراط، كل طريق إلى الله عز وجل.
﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ أي: المعتدل الموصل
إلى الله جل وعلا وإلى جنته، وفي هذا دليل على افتقار العبد إلى الله، وأنه لا
يوفق للصراط المستقيم إلا بتوفيق الله جل وعلا، وليس بالتخرص والتحري، ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ
أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ﴾ هذا تفسير للصراط المستقيم، وبيان لأهله أن من سار عليه
فقد أنعم الله عليه، فهو صراط المنعم عليهم، ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ
عَلَيۡهِمۡ﴾ وهم الذين أعطاهم الله علمًا، ولكنهم لم يعملوا به، وفي
مقدمتهم اليهود، فإنهم يعلمون ولكنهم لا يعملون بعلمهم، قال تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ
ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ
بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا
يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [الجمعة: 5].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد