قوله: «وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ
تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ هَذَا وَهَذَا». أي عن الغي والضلال، قال تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ﴾ أي: محمد صلى الله
عليه وسلم، فلا يعمل على غير علم ووحي من الله جل وعلا: ﴿وَمَا
غَوَىٰ﴾ أي: لا يخالف ما أنزل الله عليه.
وقد أقسم سبحانه على ذلك في أول السورة فقال ﴿وَٱلنَّجۡمِ
إِذَا هَوَىٰ﴾، والله تبارك وتعالى يقسم بما شاء من خلقه، ﴿وَٱلنَّجۡمِ﴾ قيل: المراد به
الثُّريا، وقيل: المراد به سائر النجوم؛ لأنها من آيات الله ﴿إِذَا هَوَىٰ﴾ أي: غاب، فطلوع
النجوم ومغيبها من آيات الله؛ لأن الله يسيرها سبحانه وتعالى، فهي من آيات الله،
ومن العبر، وقيل: ﴿إِذَا هَوَىٰ﴾ أي: رجم به
الشيطان؛ لأن الشهب تنطلق من النجوم فتصيب الشياطين الذين يسترقون السمع، والمقسوم
عليه ما هو؟ ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ﴾ [النجم: 1، 2]؛ أي:
محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يعمل على علم وبصيرة لا على جهل، ويدعوكم على علم
وبصيرة لا على جهل: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ
سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]. ﴿وَمَا غَوَىٰ﴾ [النجم: 2] أي: لم
يخالف ما أنزل الله عليه، ولم يزد عليه، ولم ينقص منه، بل أداه بأمانة صلى الله
عليه وسلم، ولم يجحد منه شيئًا، ولهذا يقولون: لو كان محمد صلى الله عليه وسلم
جاحدًا لشيء لجحد «سورة عبس» ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١أَن
جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ ٢﴾ [عبس: 1، 2]؛ لأن فيها عتابًا للرسول صلى الله عليه
وسلم.
قال: ﴿وَمَا يَنطِقُ
عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ
إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤﴾ [النجم: 3، 4]، وهذه شهادة من الله عز وجل، وتزكية لهذا
الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو لا يتكلم من عند نفسه، وإنما يتبع ما يوحى إليه،
قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ
فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ
رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ﴾ [سبأ: 50]،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد