×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 رجوعهم؛ لأنهم لم يتركوا الحق عن جهل فإذا بُيِّن لهم قبلوه، وإنما تركوه عن عناد وبعد معرفة له، فهذا هو الذي يُصرف عن الحق. قال تعالى: ﴿بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا، هذا هو السبب الذي حملهم على هذه المخالفات أنهم يكذبون بآيات الله، فإما أن يكذبوا بأصلها، وإما أن يكذبوا بهدايتها وصلاحيتها، ﴿وَكَانُواْ عَنۡهَا أي: عن آيات الله ﴿غَٰفِلِينَ [الأعراف: 146] لا يقبلون عليها، ولا يهتمون بها أصلاً، فهم غافلون عنها غفلة تعمد وإعراض والعياذ بالله.

ومن ذلك ما هذه الرسالة بصدده، وهي أن عُباد القبور والأضرحة إذا تُليت عليهم آيات الله، وقيل لهم: ما تعملون هو الشرك الأكبر، لا يقبلون هذا، ويستمرون على شركهم في عبادة الأموات والاستغاثة بهم، وهم يسمعون القرآن، ولكن الله صرفهم عن فهمه، وحرمهم من اتباعه؛ عقوبة لهم، فالآية ليست خاصة بأناس مضوا، بل هي مستمرة إلى أن تقوم الساعة.

قوله: «وَمَنْ جَمَعَ الضَّلاَلَ وَالْغَيَّ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ». الضلال: هو العمل دون علم وهو صفة اليهود، والغي: هو ترك الحق مع العلم به، وهذا أشد من الضلال وهو صفة النصارى، فمن جمع بين الأمرين اجتمع فيه الشر كله، ففيه شبه من اليهود، وشبه من النصارى.

قوله: «نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا وَسَائِرَ إخْوَانِنَا صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا». أي: نسأل الله أن يجنبنا الطريقتين: طريقة المغضوب عليهم، وطريقة الضالين الذين تركوا العلم، وأخذوا العمل فقط، وأن يجعلنا من الذين أنعم عليهم ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7]،


الشرح