×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 للعبد نحو الصواب، فلا يؤمنون بها، ويتركونها، ويقولون: هذه الآيات مثل غيرها آراء الناس وأقوالهم. بل ويدَّعون أنهم قد يكون عندهم رأي أحسن من الآية، أو أن الآيات لقوم مضوا ولا تصلح لهذا الزمان، فيتكبرون عنها، ولا يلتفتون إليها، أو أن الآيات لا تعنيهم. فإما أنهم لا يؤمنون أصلاً أنها من عند الله، وإما أنهم لا يتبعونها، والذي لا يتبعها لا يؤمن بها ولو اعتقد أنها من عند الله.

الصفة الثانية: أنهم يتبعون الغي ويتركون الرشد، ﴿وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلرُّشۡدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا والغي هو: ترك الحق مع العلم به، فيعصون الله على بصيرة، ﴿وَإِن يَرَوۡاْ سَبِيلَ ٱلرُّشۡدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلٗا، والرشد هو: قبول الحق والعمل به، وأهل الرشد يكون عندهم علم وعمل، أما أهل الغي فعندهم علم ولكن ليس عندهم عمل ولا اتباع.

وهذه هي صفات المتكبرين عن آيات الله الذين لا يؤمنون بها: أنهم لا يتبعون الوحي المنزل، وإنما يتبعون ما تمليه عليه أهواؤهم وشياطينهم، وهذا مطرد في العالم، وهم يعلمون أن القرآن من عند الله، وأنه حكم بالعدل، لكن لا يريدونه، ويستبدلونه بالقوانين الوضعية، ويرون أن القانون أحسن من القرآن، وهو المناسب للزمان، أما القرآن فإنه لزمان مضى عندهم.

فهذه الآية فيها وعيد شديد على مَنْ لم يقبل هدى الله، ولم يهتدِ بوحي الله الذي أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها أن الله يصرف قلبه عن قبول الحق، فلا يقبله بعد ذلك؛ كما قال تعالى ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ [الأنعام: 110]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ [الصف: 5]، فلا حيلة فيهم، ولا طمع في


الشرح