×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «وَفِي الأَْثَرِ الْمَنْقُولِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ». هذا يُروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه أمر رجلاً أن يدعو الله ويقول: «يَا دَلِيلَ الْحَيَارَى دُلَّنِي». فالذي يدل الحيارى هو الله جل وعلا، وهذا من مقتضى أسمائه وصفاته.

قوله: «وَجَمِيعُ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَبْدِهِ مِنْ الْخَيْرِ مِنْ مُقْتَضَى اسْمِهِ الرَّبِّ». كل أفعاله سبحانه منطلقة من اسمه الرب، فإن مقتضى ربوبيته أنه يتصرف في ملكه، وفي عباده، ويراعي ما يصلحهم، وما ينفعهم، وما يقيم حياتهم، وما يضمن مصالحهم، كل هذا من مقتضى ربوبيته سبحانه وتعالى.

قوله: «وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الدُّعَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ». ولهذا يُكرر الرب في الدعاء: ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ [الحشر: 10]، ﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ [آل عمران: 53]، ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِيٓ أَمۡرِنَا [آل عمران: 147]، فيُفتتح الدعاء باسم الرب سبحانه وتعالى، ومنه حديث: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ» ([1]). والدعوات التي في القرآن كلها مصدرة بالرب سبحانه وتعالى، ولهذا يُستحب للداعي أن يدعو باسم الرب سبحانه وتعالى، ولا يقول: يا سيدي، وإنما يقول: يا ربي.

قوله: «كَمَا قَالَ آدَمَ»، فهذا آدم أبو البشرية دعا ربه ﴿رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الأعراف: 23] وذريته يدعون الله بربوبيته سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1015).