×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «وَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُهُ بِجَاهِهِمْ نَافِعًا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ». فلا يُسألون الشفاعة؛ لأن الشفاعة ملك لله جل وعلا، ولا يملكونها إلا بإذنه سبحانه وتعالى، وهم أموات قد انقطع عملهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ من بعده» ([1]). فلا يقدرون على الدعاء لك، أو الاستغفار لك، فالأموات من الأنبياء وغيرهم انتهى عملهم بموتهم، فكيف تتعلق بهم؟

وإذا كنت تريد النجاة لنفسك، فالباب مفتوح أمامك، اعمل، وادع الله، وصلِّ، وأصلح نفسك، ولا تعتمد على غيرك وتضيع نفسك، فإذا كنت مسيئًا تقول: أنا مسيء، وعندي ذنوب، وتوجه إلى الله بالتوبة الصادقة، يغفر لك الله الذنوب جميعًا، ولا يسد عليك الباب، فهو سبحانه يحب التوابين.

قوله: «بَلْ يَكُونُ قَدْ سَأَلَ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ لَيْسَ سَبَبًا لِنَفْعِهِ». فسبب الإجابة هو دعاؤك وصلاحك وعملك لا عمل غيرك، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [البقرة: 134]، فلا تتعلق عليهم، وتتكل على صلاحهم وتقواهم، وتترك العمل، وتقول: نحن نتوسل إلى الله بهم ويكفي. أو يقول قائل: أنا من أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم ويكفي، أو أنا من ساكني مكة أو المدينة، وهذا يكفي. ويترك العمل.

هذا غرور من الشيطان، فليس أمامك إلا العمل الصالح، وهو ميسر ومفتوح لك، فلماذا تعرض عنه، وتذهب إلى الملهيات، وتتعلق بالقبور والأموات، وتنسى الحي القيوم الذي لا يموت السميع المجيب؟ فهذا منتهى الرذالة والبلاهة والبلادة.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1010).