الثاني: إذا كان للمخلوق حق على الله، فهل يُشرع لنا أن نسال بحق المخلوق على
الله؟
فلا بد من تحقق هذين الأمرين: أن يثبت أن للمخلوق حقًّا على الله، وأن
يُشرع لنا أن نسأل الله بذلك، المسألة فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: قول المعتزلة، ومن ذهب مذهبهم أنهم يوجبون على الله
حقًّا بالعقل، كما هي عادتهم في التعنت والمكابرة.
القول الثاني: لا حق للمخلوق مطلقًا، وهذا قول الجهمية والأشاعرة.
ولكن الله أخبر أنه يغفر للمذنب، فيقع هذا بموجب خبر الله الذي لا يتخلف،
لا لأن المخلوق حقًّا على الخالق.
القول الثالث - وهو الصحيح -: أن للمخلوق حقًّا على الخالق، ولكن
الله هو الذي تفضل به دون أن يوجبه عليه أحد من خلقه، فهو حقٌّ أوجبه على نفسه
سبحانه وتعالى، فلا يُقال: للمخلوق حقٌّ على الخالق مطلقًا، ولا يُقال: ليس له
حقٌّ مطلقًا، وإنما يُقال: للمخلوق حقٌ على الخالق أوجبه الله على نفسه، ووعد به،
وهو لا يخلف وعده سبحانه وتعالى، فهذا هو القول الحق، ويدل له حديث معاذ الآتي.
قوله: «وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ:
لاَ حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ بِحَالِ لَكِنْ يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ
بِحُكْمِ وَعْدِهِ وَخَبَرِهِ». لكن الله أخبر أنه يعطي المخلوق، ويغفر له،
وهو لا يخلف وعده، وخبره لا يتخلف، لا أن هذا حق عليه، وإنما يفعله بموجب الخبر،
والوعد الذي وعد به، وهذا عند الأشاعرة والجهمية الذين ينفون الأسباب أن تكون
أسبابًا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد