قوله: «كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ
يَقُولُهُ مِنْ أَتْبَاعِ جَهْمٍ وَالأَْشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ
يَنْتَسِبُ إلَى السُّنَّةِ». الجهم بن صفوان، وأبو الحسن الأشعري، ومن يتبعه
ممن ينتسب إلى السنة، أما الجهم فلا ينتسب إلى السنة، بل هو عدو السنة.
قوله: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ
كَتَبَ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ». هذا هو القول الثالث، وهو
الصحيح، فهو سبحانه أوجب على نفسه الرحمة، لا أن أحدًا أوجب عليه شيئًا، قال
تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمۡ
عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ﴾ [الأنعام: 54]، وقال تعالى: ﴿وَكَانَ
حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47]، فهو حق أوجبه
على نفسه سبحانه وتعالى، وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن
تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ﴾ [النساء: 122]،
فهذا ثابت بالقرآن، لكنه هو الذي تفضل به، وهو الذي كتبه على نفسه ووعد به، لا كما
تقوله المعتزلة أنه شيء واجب على الله جل وعلا.
قوله: «وَأَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ
حَقًّا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا حَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ».
أوجب لعباده حقًّا على نفسه، كما حرم الظلم على نفسه سبحانه وتعالى، قال تبارك
وتعالى في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي
إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا،
فَلاَ تَظَالَمُوا»، وقال تعالى: ﴿وَمَا
رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46]، وقال جل وعلا: ﴿لَا
ظُلۡمَ ٱلۡيَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [غافر: 17]؛ لأن
الله منزه عن الظلم، والظلم: أن يُعذب أحدًا بغير جريمة وبغير ذنب، وهذا لا يكون
من الله سبحانه وتعالى، وكذلك لا ينقص من حسنات أحد، بل يضاعفها فضلاً منه، فالأمر
راجع إليه سبحانه وتعالى.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد