يوجبه الله جل وعلا على
نفسه، فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي أي حق للمخلوق على الخالق مطلقًا، فهذا نفي
باطل؛ لأن الله أخبر أنه كتب على نفسه الرحمة، وقال: ﴿وَكَانَ
حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47]، وقال: ﴿وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ
وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا﴾ [النساء: 122].
قوله: «كَمَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ
تَعَالَى قَالَ لدَاوُد: وَأَيُّ حَقٍّ لآِبَائِك عَلَيَّ؟». يعني: أي حق لم
أوجبه على نفسي، ولم أكتبه على نفسي؟
قوله: «فَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أُرِيدَ
بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ عَلَيْهِ حَقٌّ بِالْقِيَاسِ
وَالاِعْتِبَارِ عَلَى خَلْقِهِ». أي: ليس للمخلوق حق على المخلوق كما يكون
للعباد حقوق على بعضهم بعضًا، فالعباد عليهم حقوق، مثل: حق الوالدين وهو واجب، وحق
لذوي القربى، وحق لليتامى والمساكين، وحق للجار، وحق لابن السبيل، وحق لملك
اليمين؛ كما في الآية.
قوله: «وَهَذَا كَمَا يَظُنُّهُ
جُهَّالُ الْعُبَّادِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَقًّا
بِعِبَادَتِهِمْ». فهم يعجبون بعبادتهم، ويمنون بها على الله سبحانه وتعالى،
ولكن ما الذي يدل على أن عباداتهم قُبلت؟ والله تعالى يقول: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ
يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلَا يُظۡلَمُونَ
فَتِيلًا﴾ [النساء: 49]، ثم لو قُبلت العبادة وصحت، فهي لا تعادل
النعم التي أنعم الله بها عليهم، فلو أن الله عذبك لعذبك وأنت مستحق للتعذيب؛ لأنك
لم تقم بحق الله الكامل عليك، بل عندك نقص كثير، فعملك لا يعادل أدنى نعمة من نعم
الله عليك، لكن الله جل وعلا يتفضل على أهل الصلاح، فيغفر لهم ويكرمهم، فضلاً منه
وإحسانًا، لا أنهم استحقوا هذا على الله كالأجير الذي يعمل بالأجرة، بل هذا فهم
جهال العباد من الصوفية وغيرهم،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد