الذين يرون أن العباد
يستحقون على الله الجزاء بعبادتهم، وهذا فيه تقول على الله جل وعلا.
فالإنسان لا يغتر ولا يُعجب بعمله، ولكنه يرجو رحمة الله، ويرجو ثوابه،
ويخاف من عقابه، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّمَا
يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27].
قوله: «كَاَلَّذِينَ يَخْدِمُونَ
مُلُوكَهُمْ وَمُلاَّكَهُمْ فَيَجْلِبُونَ لَهُمْ مَنْفَعَةً وَيَدْفَعُونَ
عَنْهُمْ مَضَرَّةً وَيَبْقَى أَحَدُهُمْ يَتَقَاضَى الْعِوَضَ وَالْمُجَازَاةَ
عَلَى ذَلِكَ». فيقيس الخالق على المخلوق؛ لأن المخلوق إذا عمل شيئًا لمخلوق
آخر، فإنه يستحق عليه المجازاة والأجرة، أما الخالق جل وعلا فلا يُقاس بخلقه، ولو
عملت ما عملت من الأعمال، فإن نعم الله عليك أكثر، قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ
لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [النحل: 18]، فلو
حاسبك الله على نعمه لما بقي لك شيء، بل تستحق العذاب لتقصيرك وعدم شكرك، وهذا
يأتي في الحديث: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ
عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ
لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ»
([1]).
قوله: «وَيَبْقَى أَحَدُهُمْ يَتَقَاضَى الْعِوَضَ وَالْمُجَازَاةَ عَلَى ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ عِنْدَ جَفَاءٍ أَوْ إعْرَاضٍ يَرَاهُ مِنْهُ: أَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا؟ يَمُنُّ عَلَيْهِ بِمَا يَفْعَلُهُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ بِلِسَانِهِ كَانَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ». هذا يوجد بين الناس؛ إذا لم يعطه أجرته، أو لم يعطه مقابل عمله وخدمته، فإنه يتمنن عليه، ويقول: أنا عملت كذا وكذا، ولم تعطني، وهذا شيء في النفوس ولو لم ينطق به لسانه.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4699)، وابن ماجه رقم (77)، وأحمد رقم (21589).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد