هي باء السبب، فالعمل سبب لدخول الجنة، وليس مقتضيًا لدخول الجنة، والسبب
قد يترتب عليه النتيجة وقد لا يترتب عليه، فليس هناك تناقض بين الآية والحديث،
وهذا جواب مفيد جدًّا في بيان المراد بالباء في موضع الإثبات ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا
كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [النحل: 32]، وفي موضع النفي: «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ».
قوله: «فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ نُفِيَ
بِبَاءِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ كَمَا يُقَالُ: بِعْت هَذَا بِهَذَا».
فليس العمل ثمنًا للجنة، وإنما هو سبب لدخول الجنة فقط.
قوله: «وَمَا أُثْبِتَ أُثْبِتَ بِبَاءِ
السَّبَبِ فَالْعَمَلُ لاَ يُقَابِلُ الْجَزَاءَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِلْجَزَاءِ».
فهو سبب للجزاء، لكنه ليس ثمنًا للجزاء.
قوله: «وَلِهَذَا مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ
قَامَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لاَ يَحْتَاجُ إلَى مَغْفِرَةِ الرَّبِّ
تَعَالَى وَعَفْوِهِ فَهُوَ ضَالٌّ». من ظن أن عمله يدخله الجنة، وأنه ليس
بحاجة إلى رحمة الله ومغفرته، فإنه ظالم في حق الله جل وعلا؛ حيث أوجب على الله أن
يدخله الجنة بعمله، ولو قوبل عمله بالنعم التي أنعمها الله عليه ما كافأ القليل من
النعم، فلا أحد يقوم بما أوجب الله عليه على وجه الكمال، بل لا بد من نقص وتقصير.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَنْ
يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ»، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلاَ أَنَا إلاَّ أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةِ مِنْهُ وَفَضْلٍ». الله جل وعلا هو الذي
تفضل على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسله وجعله من أفضل الرسل، ووفقه للعمل
بطاعة الله؛ ولهذا قال الله جل وعلا يُخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ
وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ
عَلَيۡكَ عَظِيمٗا﴾ [النساء: 113]، وقال جل وعلا: ﴿أَلَمۡ يَجِدۡكَ
يَتِيمٗا فََٔاوَىٰ ٦وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ ٧وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ
٨﴾ [الضحى: 6- 8]، هذه نعم الله على رسول صلى الله عليه
وسلم، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيره؟
الصفحة 9 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد