لَكِنْ يَجِبُ الْفَرْقُ
بَيْنَ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ وَالْمَحَبَّةِ مَعَ اللَّهِ: فَمَنْ أَحَبَّ
مَخْلُوقًا كَمَا يُحِبُّ الْخَالِقَ فَقَدْ جَعَلَهُ نِدًّا لِلَّهِ وَهَذِهِ
الْمَحَبَّةُ تَضُرُّهُ وَلاَ تَنْفَعُهُ.
وَأَمَّا
مَنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُ وَأَحَبَّ
أَنْبِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ الصَّالِحِينَ لَهُ فَحُبُّهُ لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ
أَنْفَع الأَْشْيَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ أَعْظَمِ الأُْمُورِ.
فَإِنْ
قِيلَ: إذَا كَانَ التَّوَسُّلُ بِالإِْيمَانِ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ
عَلَى وَجْهَيْنِ - تَارَةً يَتَوَسَّلُ بِذَلِكَ إلَى ثَوَابِهِ وَجَنَّتِهِ
وَهَذَا أَعْظَمُ الْوَسَائِلِ وَتَارَةً يَتَوَسَّلُ بِذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ
كَمَا ذَكَرْتُمْ نَظَائِرَهُ - فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ: أَسْأَلُك
بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ: أَنِّي أَسْأَلُك بِإِيمَانِي بِهِ
وَبِمَحَبَّتِهِ وَأَتَوَسَّلُ إلَيْك بِإِيمَانِي بِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَنَحْوِ
ذَلِكَ.
وَقَدْ
ذَكَرْتُمْ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ بِلاَ نِزَاعٍ. قِيلَ: مَنْ أَرَادَ هَذَا
الْمَعْنَى فَهُوَ مُصِيبٌ فِي ذَلِكَ بِلاَ نِزَاعٍ وَإِذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا
الْمَعْنَى كَلاَمُ مَنْ تَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ
مَمَاتِهِ مِنْ السَّلَفِ - كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِينَ وَعَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَانَ هَذَا حَسَنًا.
وَحِينَئِذٍ فَلاَ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ.
**********
الشرح
ذكر الشيخ محبة الله جل وعلا، وهي أعظم أنواع العبادة، قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن
يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾ [البقرة: 165]، فالمؤمنون
محبتهم لله خالصة، وأما المشركون، فمحبتهم لله غير خالصة، فهم يحبون الله، ويحبون
معه غيره من الأصنام والأشجار والأحجار، فمحبتهم شركية، وإذا دخلها الشرك بطلت،
فلا بد أن تكون محبة الله خالصة لا يحب معه أحدًا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد