×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَدُعَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ وَقَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا» ([1])، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوَسُّلَ الْمَشْرُوعَ عِنْدَهُمْ هُوَ التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ لاَ السُّؤَالُ بِذَاتِهِ؛ إذْ لَوْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا لَمْ يَعْدِلْ عُمَرُ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ عَنْ السُّؤَالِ بِالرَّسُولِ إلَى السُّؤَالِ بِالْعَبَّاسِ.

**********

الشرح

قوله: «وَدُعَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ». لمَّا أرادوا الاستسقاء قال عمر رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا» أي: بدعائه يوم كان حيًّا صلى الله عليه وسلم «وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا»، ثم دعا العباس رضي الله عنه وقرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم، فأجاب الله دعاءه، فدل على أن الدعاء إنما يُطلب من الحي، ولا يُطلب من الميت، ولو كان جائزًا أن يُطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء لما عدل عمر بحضرة المهاجرين والأنصار عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اعتادوا أن يطلبوا منهم الدعاء بالسقيا، وما أقره المهاجرون والأنصار إلا لأن الميت لا يُطلب منه شيء.

قوله: «يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوَسُّلَ الْمَشْرُوعَ عِنْدَهُمْ هُوَ التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ لاَ السُّؤَالُ بِذَاتِهِ». لو كان المقصود السؤال بذات النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك فرق بين حياته وموته، وإنما المراد التوسل بدعائه، وقد انقطع بموته صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا حصل عند معاوية رضي الله عنه في الشام.

قوله: «إذْ لَوْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا لَمْ يَعْدِلْ عُمَرُ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ عَنْ السُّؤَالِ بِالرَّسُولِ إلَى السُّؤَالِ بِالْعَبَّاسِ». وهم عدلوا عن الفاضل إلى المفضول.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1010).