×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «فَلَمْ نَعْدِلْ عَنْ الأَْمْرِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي كُنَّا نَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِأَفْضَلِ الْخَلْقِ». لم يقولوا لعمر: نطلب من الرسول؛ لأن الرسول أفضل الخلق، وأفضل من عمه العباس، وأقرب إلى الإجابة، فلماذا نترك السبب القوي، ونذهب إلى السبب الذي دونه؟ لم يقولوا هذا، بل أقروا عمر على صنيعه، فدل على أن الميت لا يُطلب منه شيء، ولا يتوسل به إلى الله.

قوله: «وَاَلَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ فَعَلَ مِثْلَهُ مُعَاوِيَةُ بِحَضْرَةِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَتَوَسَّلُوا بيزيد بْنِ الأَْسْوَدِ الجرشي كَمَا تَوَسَّلَ عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ». هذا أمير المؤمنين معاوية في خلافته حصل جدب في الشام، فتوسل إلى الله بدعاء الأسود بن يزيد الجرشي، وكان من الصالحين، فطلب منه الدعاء، فدعا، وسقاهم الله، ولم يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهذه سنة التوسل بدعاء الصالحين، بشرط أن يكونوا موجودين حاضرين، فلا يتوسل بالأموات والغائبين ولو كانوا أفضل من الحي الحاضر.

قوله: «وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يُتَوَسَّلُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ بِدُعَاءِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلاَحِ». نعم، هذا موجود في كتب الفقه، ومن أقربها متن «الزاد» أنهم يقولون في باب الاستسقاء: يُستحب التوسل بالصالحين وأهل الخير، بمعنى: طلب الدعاء منهم، كما فعل الصحابة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعل عمر مع العباس رضي الله عنهما، وكما فعل معاوية مع يزيد بن الأسود الجرشي رضي الله عنهما، وهذه سنة ماضية، وليس معناه التوسل بذواتهم، وإنما التوسل بدعائهم؛ لأن عمر رضي الله عنه قال: «قم يا عباس فادع». فدل على أن المراد دعاؤهم،


الشرح