وَمَعَ هَذَا فَكَرِهَ
مَالِكٌ أَنْ يُطِيلَ الْقِيَامَ عِنْدَ الْقَبْرِ لِذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي
عِيَاضٌ فِي «الْمَبْسُوطِ» عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لاَ أَرَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَ
قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو لَكِنْ يُسَلِّمُ وَيَمْضِي.
قَالَ:
وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَبْرِ رَأَيْته مِائَةَ
مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ يَجِيءُ إلَى الْقَبْرِ فَيَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السَّلاَمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَى
أَبِي. ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَرُؤِيَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم مِنْ الْمِنْبَرِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ.
**********
الشرح
قول مالك: «قَالَ: لاَ أَرَى أَنْ
يَقِفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو لَكِنْ يُسَلِّمُ
وَيَمْضِي». نعم يستقبل القبر وقت السلام، ولا يطيل السلام، هذا هو المشروع،
فلا يقف عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بقدر السلام عليه، وأما بعد السلام
عليه، فينصرف؛ لأن الوقوف عنده ولو للسلام عليه طويلاً يسبب الابتداع، ولو على
المدى البعيد، فيظن الناس أن الوقوف عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم زيادة على
السلام. وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قدم من سفر أتى إلى قبر الرسول صلى
الله عليه وسلم فقال: «السَّلاَمُ عَلَيكَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَيْك يا
أبَتاهُ»، ثم ينصرف، وهذا هو أدب السلام.
قوله: «قَالَ: وَقَالَ نَافِعٌ»
مولى ابن عمر رضي الله عنهما.
قوله: «وَرُؤِيَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى
مَقْعَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمِنْبَرِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى
وَجْهِهِ». هذا لو صح وضع يده على مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فمعروف أن
ابن عمر رضي الله عنهما كان حريصًا على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكان
يذهب إلى الأمكنة التي صلى فيها، أو جلس فيها من باب الاقتداء، لا من
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد