×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فيخرجونهم من النور إلى الظلمات، ﴿وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ هذا هو المشكل؛ لأنهم لو عصوا الله وهم يعلمون أنهم على معصية ومخالفة لرُجي أنهم يرجعون ويتوبون، ولكن يطبع الله على قلوبهم، فيحسبون أن الضلالة هدى، والعمى بصيرة، وأن ما هم عليه هو الحق، فهؤلاء لا مطمع في رجوعهم؛ لأنهم لم يتركوا الحق جهلاً به، وإنما تركوه عن عمد، فهؤلاء لا يرجعون إلى الحق، بل يعاقبون بالحرمان منه ﴿وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ [الزخرف: 37]،، فدل على أن العبرة ليست بكون الإنسان يظن أنه على حق، وإنما هل هو على دليل أو لا؟ فإن كان على دليل من الكتاب والسنة، فهو على حق، أما إذا كان على غير دليل، فهو على ضلال، وإن كان يحسب أنه على هدى، فليست العبرة بالحسبان، وإنما العبرة بالدليل.

فهذا فيه رد على الذين يقولون: إن هؤلاء الذين يقعون في المعاصي والشرك بالله ما تعمدوا هذا الشرك. نقول: ليس لهم عذر؛ لأن الحق بيِّن، والقرآن واضح، والدلالة واضحة، ولكنهم أعرضوا عنها، فابتلاهم الله جل وعلا بعمى البصيرة؛ عقوبة لهم، فصاروا يحسبون أنهم مهتدون؛ كما قال تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53]، هؤلاء يفرحون بالضلال والعياذ بالله، ولا يرجعون إلى الحق أبدًا، وهذه مصيبة عظيمة فيها أن من ترك الحق بعد معرفته يصاب بالحرمان من الهداية؛ كما قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ [الأنعام: 110]، فمن اتضح له الحق لا يجوز له أن يتركه ويتعداه إلى قول فلان أو علان أبدًا، فإن ترك الحق بعد معرفته إلى غيره، فإنه يُصاب بعمى البصيرة، وفساد القلب، والزيغ والضلال، فلا يهتدي بعد ذلك.


الشرح