قوله: «وَذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُوَ
الذِّكْرُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ». ذكر الرحمن في هذه
الآية المراد به القرآن؛ لأنه أعظم الذكر، وإن كان ذكر الله يشمل كل الطاعات، ولكن
المراد به في هذه الآية القرآن؛ كما في الآية الأخرى ﴿إِنَّا
نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، أي:
القرآن، حفظه الله من التبديل والتغيير والتحريف، وبقي كما أُنزل على محمد صلى
الله عليه وسلم لا تناله أيدي الكفار والأعداء والشياطين فتحرفه، فهو محفوظ بحفظ
الله سبحانه وتعالى، بخلاف الكتب السابقة - التوراة والإنجيل - هذه حرفها أهلها،
وبدلوا وغيروا فيها، ولم تبقَ كما أنزلها الله سبحانه وتعالى، أما القرآن لما أراد
الله بقاءه واستمراره إلى قيام الساعة تعهد بحفظه من أيدي العابثين؛ ليقيم به
الحجة على عباده، وليهتدي به من يريد الله هدايته، فهذا من معجزات القرآن على كثرة
أعدائه، ما استطاعوا أن يغيروا منه حرفًا واحدًا، وما استطاعوا أن يأتوا بسورة من
مثله.
ولمَّا أهبط الله آدم وذريته إلى الأرض بعدما حصل من آدم عليه السلام الأكل
من الشجرة أخرجه الله من الجنة، وأهبطه هو وذريته إلى الأرض ثم قال جل وعلا: ﴿فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم
مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ﴾ [طه: 123].
وهذا الهدى هو ما أنزله الله على أنبيائه ورسله ليخرجوا بني آدم من الظلمات
إلى النور، وقوله: ﴿فَمَنِ ٱتَّبَعَ
هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ﴾ في الدنيا ﴿وَلَا يَشۡقَىٰ﴾ في الآخرة، فهو في
الدنيا على هدى وعلى طريق صحيح، وفي الآخرة لا يشقى؛ لأن له الجنة، فالجنة دار
السعادة والراحة ليس فيها شقاء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد