قال جل وعلا: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي﴾ عما أنزله الله
سبحانه وتعالى، فإنه يعاقب ﴿فَإِنَّ
لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا﴾ قيل: في الدنيا، وقيل: عذاب القبر والعياذ بالله،
والظاهر - والله أعلم -: أن الآية عامة في الدنيا، وفي القبر، فقوله: ﴿لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا﴾ [طه: 124].
في مقابل ﴿فَلَا يَضِلُّ﴾، وقوله ﴿وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
أَعۡمَىٰ﴾ في مقابل ﴿وَلَا
يَشۡقَىٰ﴾ [طه: 123].
فالشقي الذي يحشره الله جل وعلا يوم القيامة أعمى لا يبصر عقوبة له، فكما
عمي عن الحق في الدنيا أعماه الله عن الحق في الآخرة، ﴿وَمَن
كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا﴾ [الإسراء: 72].
ثم قال: ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا
فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦﴾ [طه: 125- 126].
أي: أعرضت عنها، وليس نسيان الذهول، فالذهول لا يؤاخذ عليه؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ
أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ» ([1])، الذي هو الذهول،
إنما النسيان في هذه الآية: هو ترك الشيء رغبة عنه، ومنه قول الله تعالى: ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ
فَنَسِيَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 67]، ﴿كَذَٰلِكَ
أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ﴾ جزاء له كما نسي ذكر
الله في الدنيا وأعرض عنه، فإنه يُنسى في الآخرة، فالجزاء من جنس العمل.
قوله تعالى: ﴿الٓمٓصٓ ١كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ٢ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ٣﴾ [الأعراف: 1- 3] هذا أول «سورة الأعراف»
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (2045)، وابن حبان رقم (7219)، والحاكم رقم (2801)، والدارقطني رقم (4351).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد