ولكنه كان أميًّا لا يقرأ
ولا يكتب، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ
تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ
ٱلۡمُبۡطِلُونَ﴾ [العنكبوت: 48]، فهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ
وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾ [الشورى: 52] فكان يؤمن بالله عز وجل، ولكن تفاصيل
الإيمان لم تبلغه، وإنما كان يؤمن إيمانًا مجملاً، فهو صلى الله عليه وسلم قبل
البعثة لم يشرك بالله عز وجل، ولم يعبد غير الله، وإنما كان على الحنيفية ملة أبيه
إبراهيم عليه السلام.
قال: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي
مَا ٱلۡكِتَٰبُ﴾ أي: الوحي، ﴿وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ
وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا﴾ سماه نورًا؛ لأنه تهتدي به البصائر في السير إلى الله
سبحانه وتعالى، فالذي يتمسك بالقرآن يمشي على نور، بخلاف الذي لا يتمسك بالقرآن،
فإنه يمشي في ظلمة وشبهات وشكوك وأوهام، ﴿وَلَٰكِن
جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ﴾ نهدي به هداية
التوفيق والإيمان، هذه خاصة بالمؤمنين، أما هداية الإرشاد فهي عامة لكل الناس
المؤمن والكافر، هو هدى للناس من ناحية أنه بيان موضح للحق من الباطل، لكن القبول
له والعمل به إنما يخص به الله من يعلم أنه أهل لذلك، ﴿نَّهۡدِي
بِهِۦ مَن نَّشَآءُ﴾ فالهداية بيد الله عز وجل، قال تعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ
أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ﴾ [القصص: 56]؛ ولهذا
قال: ﴿نَّهۡدِي بِهِۦ مَن
نَّشَآءُ﴾ ممن يعلم الله أنه يقبل الهداية، ﴿مِنۡ عِبَادِنَاۚ﴾ المراد: العبودية
الخاصة، وإلا فكل الناس عباد الله جل وعلا، ﴿وَإِنَّكَ
لَتَهۡدِيٓ﴾ هذا جواب قسم محذوف وهو «والله» إنك لتهدي، هذه لام القسم، ﴿إِلَىٰ
صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [الشورى: 52] معتدل واضح ﴿صِرَٰطِ ٱللَّهِ﴾ [الشورى: 53] أضافه
إلى نفسه سبحانه وتعالى تشريفًا له، فهذا الصراط هو صراط الله جل وعلا ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ﴾ أي: ترجع الأمور
وترد إليه سبحانه وتعالى كلها.
الصفحة 16 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد